للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حقيقة توحيد الربوبية والمخالفين فيه

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هي حقيقة توحيد الربوبية؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

توحيد الربوبية: هو إفراد الله تعالى بأفعاله كالخلق والملك والتدبير والرزق والإحياء والإماتة وإنزال المطر ونحو ذلك فلا يتم توحيد العبد حتى يقر بأن الله تعالى رب كل شيء ومالكه وخالقه ورازقه، وأنه المحيي المميت النافع الضار المنفرد بإجابة الدعاء، الذي له الأمر كله، وبيده الخير كله، القادر على ما يشاء، ويدخل في ذلك الإيمان بالقدر خيره وشره.

وهذا القسم من التوحيد لم يعارض فيه المشركون الذين بعث فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم، بل كانوا مقرين به إجمالاً؛ كما قال تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم) الزخرف/٩، فهم يقرون بأن الله هو الذي يدبر الأمر، وهو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض، فعلم بهذا أن الإقرار بربوبية الله تعالى لا يكفي العبد في تحقق إسلامه بل لابد معه من الإتيان بلازمه ومقتضاه وهو توحيد الألوهية وإفراد الله تعالى بالعبادة.

وهذا التوحيد ـ أعني توحيد الربوبية ـ لم ينكره أحد معلوم من بني آدم؛ فلم يقل أحد من المخلوقين: إن للعالم خالقين متساويين. فلم يجحد أحد توحيد الربوبية؛ إلا ما حصل من فرعون؛ فإنه أنكره مكابرة منه وعنادا ً؛ بل زعم لعنه الله أن الرب، قال تعالى حكاية عنه: (فقال أنا ربكم الأعلى) النازعات/٢٤، (ما علمت لكم من إله غيري) القصص/٣٨. وهذه مكابرة منه لأنه يعلم أن الرب غيره؛ كما قال تعالى: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً) النمل/١٤، وقال تعالى حكاية عن موسى وهو يناظره: (لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض) الإسراء/١٠٢؛ فهو في نفسه مقر بأن الرب هو الله -عز وجل-.

كما أنكر توحيد الربوبية على سبيل التشريك المجوس، حيث قالوا: إن للعالم خالقين هما الظلمة والنور، ومع ذلك لم يجعلوا هذين الخالقين متساويين، فهم يقولون: إن النور خير من الظلمة؛ لأنه يخلق الخير، والظلمة تخلق الشر، والذي يخلق الخير خير من الذي يخلق الشر. وأيضاً فإن الظلمة عدم لا يضيء، والنور وجود يضيء؛ فهو أكمل في ذاته.

وبعد.. فليس معنى إقرار المشركين بتوحيد الربوبية أنهم أتوا به على الوجه الأكمل؛ بل إنما كانوا يقرون به إجمالا كما حكى الله عنهم في الآيات السابقة؛ لكنهم كانوا يقعون في أشياء تخل به وتقدح فيه؛ ومن ذلك نسبتهم المطر إلى النجوم، واعتقادهم في الكهنة والسحرة بأنهم يعلمون الغيب إلى غير ذلك من صور الشرك في الربوبية؛ لكنها تبقى قليلة محصورة إذا ما قورنت بصور شركهم في الإلهية والعبادة.

نسأل الله أن يثبتنا على دينه حتى نلقاه،

والله أعلم.

انظر (تيسير العزيز الحميد /٣٣، والقول المفيد ١/ ١٤) .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>