للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أجر سكنا لشخص فوضع عليه الدش

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا أعمل في مسجد , وسكنت بعض غرفه , وأجرت الأخرى لشخص آخر منذ سنوات , ووضع دشا على السكن، فقلت له: إنه لا يجوز. فقال لي: إني لا أضعه إلا للمباريات وأخبار دولتي , فهل تبرأ ذمتي ببيان الحكم له , بحيث لو وضعت قنوات الفساد يكون الإثم عليه , أم لا بد من طرده إذا لم يستجب؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

لا يجوز ولا يصح تأجير الدار لمن يتخذها محلا للمعصية كصالة للرقص، أو دارٍ للخنا، ونحو ذلك مما هو معصية لله تعالى؛ لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة /٢.

وهذا بخلاف ما لو أجرها الإنسان لشيء مباح، كالسكنى، ثم صار هذا المستأجر يرتكب فيها المعصية، فالإجارة صحيحة، والإثم على مقترف المعصية، ولكن إذا كانت المعصية ظاهرة، فينبغي نصحه، وتهديده بعدم تجديد العقد له.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " تأجير المحلات والمستودعات لمن يبيع فيها أو يودع الأشياء المحرمة حرام؛ لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، الذي نهى الله تعالى عنه في قوله: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/٢.

وكذلك تأجير المحلات لمن يحلقون اللحى؛ لأن حلق اللحى حرام، ففي تأجير المحلات له إعانة على المحرم وتسهيل لطريقه. وكذلك تأجير الأحواش والمنازل لمن يجتمعون فيها على فعل المحرم أو ترك الواجب، وأما تأجير البيوت للسكنى إذا فعل الساكن فيها معصية أو ترك واجبا فلا بأس به؛ لأن المؤجر لم يؤجرها لهذه المعصية أو ترك الواجب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) انتهى نقلا عن "فتاوى علماء البلد الحرام" (ص ٦٦٦) .

وقال الشيخ ابن عثيمين ـ أيضاً ـ رحمه الله مبينا الفرق بين ما يُستأجر للمعصية، وما يُستأجر لغرض مباح كالسكنى ثم تفعل فيه المعصية:

"لو استأجر من شخص داره ليقيم فيها شعائر النصارى، فَجَعَلها كنيسةً فالإجارة حرام؛ لقوله تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة/٢، ومثل ذلك لو استأجرها لبيع الخمر أو الدخان أو القنوات الفضائية ... ولو أنه أجر شخصا بيتا ثم وضع فيه القنوات الفضائية، وصار يأتي بكل قناة فاسدة، فحكمه أنه إذا كان قد استأجر البيت لهذا الغرض فالإجارة محرمة وفاسدة، وإن استأجره للسكنى ثم وضع هذا فيه فلا بأس، ولكن إذا تم العقد أي إذا تمت مدة الإجارة يقول لهذا المستأجر: إما أن تُخرج هذه الآلة القنوات الفضائية وإما ألا أجدد لك العقد. وأما ما تم عليه العقد من قبل فإنه يجب إتمامه لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) المائدة/١" انتهى من "الشرح الممتع" (١٠/١٩) .

ثانيا:

ينبغي إحسان الظن بالمسلم، وعدم تتبع عوراته، فما دمت قد نصحته وبَيَّنَت له، وأخبرك أنه لا يرى فيه تلك المحرمات، فلا ينبغي لك التفتيش عن باطن أمره، والتجسس عليه، بل يوكل أمره إلى الله تعالى، فإن فعل محرماً كان إثم ذلك عليه وحده.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>