يسمع الأغاني، ويسمع القرآن فهل يكون منافقا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أسمع الأغاني، وأعلم أنها حرام، ولكن إن شاء الله يهديني وأترك سماعها السؤال: أنا أسمع محاضرات دينية كثيرة وكذلك القرآن الكريم عبر الأشرطة الإسلامية، المشكلة أن هناك أناساً كثيرين يحتجون علي يقولون كيف تسمع الأغاني وتسمع الدين؟ كأنك ما تفهم ولا تعي وتأثم لأنك تسمع المحاضرة ولا تستفيد، لذلك خيروني إما أن تسمع الأغاني أو تسمع الدين، لكن أن تسمع الاثنين غلط. لذلك أنا في حيرة من أمري لأني أصبحت أحس كأني علماني أو كمن ينصح الناس وهو عاصٍ وأيضا كالمنافق.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ابتداء نشكر لك صراحتك وحرصك على الخير والسؤال عن أمور دينك.. ونسأل الله أن يمن عليك بالهداية والتوفيق لما فيه الخير..
اعلم وفقك الله.. أن تحذير زملائك لك من سماع أشرطة القرآن أو المحاضرات الدينية أو غيرها.. مما يقرب إلى الخير بحجة أنك تسمع الأغاني؛ خطأ كبير منهم.. فإن المؤمن الذي تسول له نفسه الوقوع في بعض المعاصي.. يبقى مطالبا بفعل ما يستطيع من الطاعات.. ويبقى مطالبا باجتناب جميع المعاصي والموبقات مادام أنه يؤمن بالله رباً وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.. فإذا حصل منه تقصير بترك بعض الواجبات لم يكن هذا مسوغا لأن يترك الواجبات الأخرى بل يجب عليه أن يبادر بالتوبة من تقصيره في تلك الواجبات، مع استمراره في فعل ما أقدره الله عليه من الطاعات، وكذلك وقوعه في بعض المعاصي ليس مسوغا لأن يقع في غيرها، بل الواجب عليه المبادرة بالتوبة من تقصيره.. فإذا لم يستطع ترك بعض الذنوب لقوة الشهوة وضعفت نفسه عن مقاومتها فليجتهد في فعل الطاعات، فإن الله يقول: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) هود/١١٤، ولذا فيتصور أن يجتمع في الشخص المؤمن الطاعة والمعصية.. وليس هذا من النفاق ولا العلمانية في شيء.. ما دام أن الإنسان لا يبطن في قلبه الفساد.. ويقر بخطأ ما يفعله، ويستغفر الله ويطلب غفرانه، ويجتهد في اجتناب المعصية.
ولعل حرصك على سماع القرآن والمحاضرات الدينية يكون سبيلاً لإعراضك عن سماع الأغاني والمحرمات الأخرى.. فإِنَّ (هذا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) الإسراء/٩
ولو فرض أنك بقيت على ما أنت عليه.. فهو خير بلا شك من تركك لسماع القرآن والخير.. لأنك تعلم أن الله يقول: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) الزلزلة/٧-٨
ويقول جل شأنه: (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) النساء/٤٠.
ويوم القيامة توزن أعمال العباد (فأما مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَة * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُه * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ) القارعة/٦-١١ فعليك أخي الكريم أن تحرص على كل ما يثقل ميزانك من الحسنات والطاعات ولو كان شيئا يسيرا فإن الله واسع الكرم والمغفرة والرحمة، يضاعف القليل حتى يكون مثل الجبل أو أعظم فـ (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) , و (تبسمك في وجه أخيك صدقة) كما أرشدنا لذلك نبينا صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة.
وليس معنى ذلك إقرارك على سماع الأغاني، ولكن.. إن كان لا بد فكن ممن (اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) التوبة/١٠٢.
وعليك أن تحذر من كل ما يخفف ميزانك من المعاصي والسيئات فإن الله سبحانه شديد العقاب لمن عصاه وتجرأ على حدوده فالبدار البدار بالتوبة النصوح.. والابتهال الابتهال إلى الله سبحانه بأن يوفقك إلى ذلك..
وداوم على فعل الخيرات واستكثر منها ما استطعت وانصح أصحابك بأن يتقوا الله ويبادروا كذلك إلى فعل الخيرات وترك المنكرات..
وختاما.. نوصيك بأن تحرص أن يكون لك رفقة صالحة يعينونك على الخير، ويحببونه إليك وأن تبتعد عن رفقاء السوء الذين يزينون لك الشر ويصدونك عن الخير، مع دعاء الله لك ولهم بالهداية التوبة.. هذا والله المسئول أن يتوب علينا جميعا توبة صادقة نصوحا يكفر بها سيئاتنا ويهدي بها قلوبنا إنه خير مسئول..
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب