للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قول أبي بكر رضي الله عنه إن العبد إذا داخله العجب بزينة الدنيا مقته ربه عزوجل

[السُّؤَالُ]

ـ[قرأت في كتاب " مواعظ الصحابة "، للمؤلف صالح أحمد الشامي، تحت عنوان: " العجب بزينة الدنيا " هذا نصه: قالت عائشة رضي الله عنها: لبست مرة درعاً لي جديداً، فجعلت أنظر إليه، وأعجبت به، فقال أبو بكر: ما تنظرين؟ إن الله ليس بناظر إليك!! قلت: ومم ذلك؟ قال: أما علمت أن العبد إذا داخله العُجب بزينة الدنيا مقته ربه عز وجل حتى يفارق تلك الزينة؟ قالت: فنزعته فتصدقت به. فقال أبو بكر: عسى ذلك أن يكفر عنك. (تهذيب حلية الأولياء١/٦٠) السؤال هو: هل لهذا القول الذي قاله أبو بكر أصل من السنة النبوية الصحيحة؟ وهل هو صحيح عن أبي بكر؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

القصة المذكورة رواه أبو نعيم الأصبهاني في " حلية الأولياء " (١/٣٧) قال: حدثنا أحمد بن السندي، ثنا الحسن بن علوية، ثنا إسماعيل بن عيسى، ثنا إسحاق بن بشر، ثنا ابن سمعان، عن محمد بن زيد، عن عروة بن الزبير، عن عائشة.

فذكر القصة كما وردت في السؤال.

وهذا إسناد ضعيف جدا، بسبب إسحاق بن بشر، وهو أبو حذيفة البخاري، معروف بالرواية عن عبد الله بن زياد بن سمعان، ويروي عنه تصانيفَه إسماعيل بن عيسى البغدادي، كما في " المتفق والمفترق " (رقم/١٩١) ، وإسحاق بن بشر هذا متروك متهم بالكذب عند جميع المحدثين، انظر " ميزان الاعتدال " (١/! ٨٤) " للذهبي.

وأما مضمون هذا الأثر ونحوه من الآثار الضعيفة، أو الموضوعة، فأقل ما يقال فيه: أنه لا ينبغي قبوله وأخذه على ظاهره إلا إذا صح إسناده، وشهد لمعناه بالاعتبار الأصول الثابتة؛ فكيف بما فيه من نكارة لا تخفى؛ ومعارضة لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فمجرد محبة الثوب الحسن الجميل والإعجاب به: ليس من الذنوب التي تحتاج إلى تكفير، ولا هو العجب والكبر المحرم في شيء.

روى مسلم في صحيحه (٩١) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ) .

قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً؟!

قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ؛ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ) .

فتأمل كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعب على المرء أن يحب الثوب الحسن، ويختاره، بل جعله من الجمال المحبوب، وبين الكبر الحقيقي المانع من دخول الجنة.

ولقد يبدو لنا أن هذه الجملة المنكرة، هي المراد الأول من وضع هذه القصة، ولأجل ذلك احتاج واضعه أن يختمه بقول أبي بكر في آخره!!

فالقصة برمتها باطلة، سندا ومعنى.

وأما ذم الكبر، أو العجب، أو ذم الانشغال بالدنيا، والإسراف في المباحات، فكل ذلك مقرر في النصوص الصحيحة، لا يحتاج إلى مثل هذه المبالغات، والقصص الواهية.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>