مسائل في " خلو الرجل "، وكلمة لأصحاب العقارات للتخفيف على الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[ي متعلق بالسكن , إذ نظراً لارتفاع كلفته يلجأ العديد من الناس في " المغرب " لوسائل يخفضون بها أجرة الكراء , وهي كما يلي: " شراء مفتاح "، وهي دفع مبلغ مالي كبير لصاحب المنزل مقابل السكن بأجرة مخفضة، ويصبح المقرض بموجب العقد مالكاً لحق التصرف في المنزل، بحيث يمكنه إن أراد تغيير سكناه أن يسكِّن أي شخص يرد له المبلغ الذي دفعه لصاحب المنزل، أرجو إفادتي , هل هذه الطرق مشروعة لخفض كلفة الإيجار أم لا؟ وفي حالة النفي هل توجد وسيلة حلال تؤدي نفس الغرض؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
١. الذي يظهر لنا أن ما يسميه السائل " شراء مفتاح " هو ما يسمى في بعض الدول " الخلو " أو " نقل قدم " أو " الفروغية "، وهو المال الذي يُدفع للمالك – أو للمستأجر بعقد شرعي – مقابل التمكين من العقار.
٢. لا يُغيِّر دفع هذا المبلغ من طبيعة العقد، فهو لا يزال عقد إجارة.
٣. لا ينبغي تسمية المال المدفوع قرضاً؛ لأنه لا يرده المالك إلى المستأجر، ولو كان قرضاً لكانت المعاملة محرَّمة؛ لأنه يصبح من القروض التي تجر منافع، وهي عقود ربوية بلا شك، وينطبق على ذلك القاعدة المتفق عليها " كل قرضٍ جرَّ نفعاً فهو رباً ".
٤. يجوز للمستأجر أن يؤجر العقار بأقل أو أكثر من الأجرة التي تعاقد عليها مع المالك، وله أن يأخذ مقابل ذلك ما يسمى ب: "شراء المفتاح" أو "خلو الرجل" ما لم ينص العقد مع المالك على عدم ذلك.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"إذا استأجر إنسانٌ بيتاً، أو شقةً، أو معرضاً – مثلاً – مدة، وبقي له منها زمن: جاز له أن يؤجرها لمثله بقية تلك المدة بقليل، أو كثير، دون غبن.
أما إن كانت مدة إجارته قد انتهت: فليس له أن يؤجر ذلك البيت، أو الشقة، أو المعرض –مثلاً - أحداً إلا برضا المالك، وإلا كان ما أخذه من الأجرة محرَّماً، سواء كان قليلاً، أم كثيراً؛ لأن منافع البيت بعد انتهاء مدة الإجارة حق لمالك العين، فتصرف غيره فيها بغير رضاه: اعتداء على حقه، فكان ممنوعاً، وكان الكسب من ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، لكن إذا كان المستأجر للمحل له مال في المحل، من فرش، أو ديكورات، أو مكيفات، أو إنارة، ونحو ذلك: فلا مانع أن يتفق المالك أو المستأجر الجديد مع مالكها على ثمن معلوم لتلك الأموال، ولا يسمَّى هذا " نقل قدم "، وإنما هو بيع لتلك الأشياء التي يملكها المستأجر، وإن لم يرغب المالك أو المستأجر الجديد شراءها: فعلى صاحبها أن ينقلها لانتهاء مدة إجارته" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٥ / ٩٢) .
وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: ما رأي الدين في المبالغ التي تدفع كخلو لإيجار الأماكن والمحلات، سواء من المؤجر للمستأجر أو من المستأجر للمؤجر؟ .
فأجاب:
"إذا استأجر الإنسان محلاً مدة معلومة: فله أن يسْكُنه تلك المدة، وأن يؤجِّره لغيره ممن هو مثله في الاستعمال، أو أقل منه؛ أي: أن له أن يستغل منفعة المحل بنفسه، وبوكيله.
أما إذا تمت مدته: فإنه يجب عليه إخلاء المحل لصاحبه الذي أجَّره إياه، ولا حق له في البقاء، إلا بإذن صاحبه، وليس له الحق في أن يمتنع عن إخلاء المحل إلا بأن يدفع له ما يسمى بـ " نقل القدم " أو " الخلو "؛ إلا إذا كان له مدة باقية فيه" انتهى.
" المنتقى من فتاوى الفوزان " (٣ / ٢٢١ السؤال رقم ٣٣٦) .
وانظر جواب السؤال رقم: (١٨٣٩) ففيه قرار " مجمع الفقه الإسلامي " حول هذه المسألة بتفصيلات علمية.
والمرجو ممن وسَّع الله تعالى عليهم في المال والعقار أن يراعوا حال الناس، وضعفهم، وصعوبة الحياة، وقلة أو ندرة الحصول على أعمال تدر دخلاً يكفي الرجل وأسرته، وليعلموا أن ما يفعلونه من تخفيف الأجرة على المستأجرين يدخل في الإنفاق، والصدقات، والرحمة للخلق، وكل ذلك من أعظم الطاعات والأعمال الصالحة، وقد وعد الله تعالى أهلها بالخير والثواب في الدنيا والآخرة.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ) . رواه البخاري (٤٤٠٧) ومسلم (٩٩٣) .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قال: قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) . رواه الترمذي (١٩٢٤) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) . رواه مسلم (٢٦٩٩) .
نسأل الله تعالى أن يكتب لمن أنفق، وتصدَّق، ورحم: الأجرَ، والثوابَ، وأن يفرِّج عنهم وييسر لهم أمورهم في الدنيا والآخرة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب