للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عقوبة ترويج المخدرات

[السُّؤَالُ]

ـ[ما الحكم الشرعي والقانوني في بيع وترويج المخدرات وحبوب الكابتجون؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

حرم الله تعالى الخمر وأمر باجتنابها، وبَيَّن أنها رجس من عمل الشيطان فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) المائدة/٩٠، ٩١.

وبَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الخمر ملعون بائعها وشاربها وحاملها، كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود (٣٦٧٤) وابن ماجه (٣٣٨٠) عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

ورواه الترمذي (١٢٩٥) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ عَشْرَةً: عَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالْمُشْتَرِي لَهَا، وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ) .

والخمر: كل ما غطَّى العقل مما يحدث شيئاً من اللذة والنشوة. فيدخل في ذلك كل مسكر جامد وسائل.

ولا شك أن كثيرا من أنواع المخدرات أعظم ضررا وفتكا وخطرا من الخمر، ولهذا لزم التشديد في شأن مروجيها ومهربيها؛ لما ينبني على عملهم من الشر والفساد.

وقد صدر قرار من هيئة كبار العلماء بشأن ترويج المخدرات، وهذا نصه:

" الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته التاسعة والعشرين المنعقدة بمدينة الرياض بتاريخ ٩ ٦ ١٤٠٧هـ وحتى ٢٠ ٦ ١٤٠٧هـ وقد اطلع على برقية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - حفظه الله - ذات الرقم س ٨٠٣٣ وتاريخ ١١ ٦ ١٤٠٧هـ والتي جاء فيها (نظراً لما للمخدرات من آثار سيئة، وحيث لاحظنا كثرة انتشارها في الآونة الأخيرة، ولأن المصلحة العامة تقتضي إيجاد عقوبة رادعة لمن يقوم بنشرها وإشاعتها، سواء عن طريق التهريب أو الترويج، نرغب إليكم عرض الموضوع على مجلس هيئة كبار العلماء بصفة عاجلة وموافاتنا بما يتقرر) .

وقد درس المجلس الموضوع وناقشة من جميع جوانبه في أكثر من جلسة، وبعد المناقشة والتداول في الرأي واستعراض نتائج انتشار هذا الوباء الخبيث القتال تهريباً واتجاراً وترويجاً واستعمالاً، المتمثلة في الآثار السيئة على نفوس متعاطيها، وحملها إياهم على ارتكاب جرائم الفتك، وحوادث السيارات، والجري وراء أوهام تؤدي إلى ذلك، وما تسببه من إيجاد طبقة من المجرمين شأنهم العدوان وطبيعتهم الشراسة وانتهاك الحرمات، وتجاوز الأنظمة وإشاعة الفوضى لما تؤدي إليه بمتعاطيها من حالة من المرح والتهيج، واعتقاد أنه قادر على كل شيء، فضلاً عن اتجاهه إلى اختراع أفكار وهمية تحمله على ارتكاب الجريمة، كما أن لها آثاراً ضارة بالصحة العامة، وقد تؤدي إلى الخلل في العقل والجنون، نسأل الله العافية والسلامة، لهذا كله، فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي:

أولاً: بالنسبة للمهرب للمخدرات فإن عقوبته القتل، لما يسببه تهريب المخدرات وإدخالها البلاد من فساد عظيم لا يقتصر على المهرب نفسه، وأضرار جسيمة وأخطار بليغة على الأمة بمجموعها. ويلحق بالمهرب الشخص الذي يستورد أو يتلقى المخدرات من الخارج فيموّن بها المروجين.

ثانياً: أما بالنسبة لمروج المخدرات فإن ما أصدره المجلس بشأنه في قراره رقم (٨٥) وتاريخ ١١/ ١١ /١٤٠١ـ كافٍ في الموضوع ونصه كما يلي: (الثاني: من يروجها سواء كان ذلك بطريق التصنيع أو الاستيراد بيعا وشراء أو إهداء ونحو ذلك من ضروب إشاعتها ونشرها، فإن كان ذلك للمرة الأولى فيعزر تعزيراً بليغاً بالحبس أو الجلد أو الغرامة المالية أو بهما جميعا حسبما يقتضيه النظر القضائي، وإن تكرر منه ذلك فيعزز بما يقطع شره عن المجتمع ولو كان ذلك بالقتل، لأنه بفعله هذا يعتبر من المفسدين في الأرض، وممن تأصل الإجرام في نفوسهم، وقد قرر المحققون من أهل العلم أن القتل ضَرْبٌ [أي: نوع] من التَعزير، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " ومن لم يندفع فساده في الأرض إلا بالقتل قُتِل، مثل قتل المفرق لجماعة المسلمين الداعي للبدع في الدين ". إلى أن قال " وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل رجل تعمد الكذب عليه، وسأله ابن الديلمي عن من لم ينته عن شرب الخمر فقال: من لم ينته عنها فاقتلوه ". وفي موضع آخر قال رحمه الله في تعليل القتل تعزيراً ما نصه: " وهذا لأن المفسد كالصائل، وإذا لم يندفع الصائل إلا بالقتل قتل " انتهى.

ثالثاً: يرى المجلس أنه لابد قبل إيقاع أي من تلك العقوبات المشار إليها في فقرتي (أولاً) و (ثانياً) من هذا القرار استكمال الإجراءات الثبوتية اللازمة من جهة المحاكم الشرعية وهيئات التمييز ومجلس القضاء الأعلى، براءةً للذمة، واحتياطاً للأنفس.

رابعاً: لابد من إعلان هذه العقوبات عن طريق وسائل الإعلان قبل تنفيذها إعذاراً وإنذاراً. هذا وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

هيئة كبار العلماء " انتهى نقلاً: "فتاوى إسلامية" (٣/٣٧٩) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>