للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم قول بعضهم عن الله: جسم لا كالأجسام

[السُّؤَالُ]

ـ[نعيش في تايلاند كأقلية حيث يوجد هنا رجل يدعي أن الله جسم لا كالأجسام، حيث قال في بعض المنتديات: "إن الأساس هو أن الله جسم، ولكن لا نعلم كيف جسمه؟ وأن جسمه ليس كسائر الأجسام، لأنه ليس كمثله شيء فهل هذا القول صحيح؟ وما حكم الشرع في القائل؟ وما هو واجبنا تجاه القول والقائل؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

القول بأن الله جسم لا كالأجسام، قول غير صحيح، وذلك لعدم ثبوت وصف الله تعالى بالجسمية في الكتاب أو السنة.

والأصل الذي عليه أهل السنة والجماعة: أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يتجاوز القرآن والحديث، لكن إن أراد المثبت للجسمية إثبات أن الله تعالى سميع بصير متكلم مستو على عرشه، وأنه يُرى ويشار إليه، إلى غير ذلك من صفاته، قيل له: هذه الصفات حق، وقد أخطأت في التعبير عنها أو عن بعضها بالجسمية، ولهذا لم يعرف عن سلف الأمة التعبير بذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ولفظ الجسم فيه إجمال، قد يراد به المركب الذي كانت أجزاؤه مفرقة فجمعت أو ما يقبل التفريق والانفصال، أو المركب من مادة وصورة، أو المركب من الأجزاء المفردة التي تسمى الجواهر الفردة، والله تعالى منزه عن ذلك كله، أو كان متفرقا فاجتمع، أو أن يقبل التفريق والتجزئة التي هي مفارقة بعض الشيء بعضا وانفصاله عنه أو غير ذلك من التركيب الممتنع عليه.

وقد يراد بالجسم ما يشار إليه، أو ما يُرى، أو ما تقوم به الصفات، والله تعالى يُرى في الآخرة، وتقوم به الصفات، ويشير إليه الناس عند الدعاء بأيديهم وقلوبهم ووجوههم وأعينهم، فإن أراد بقوله: ليس بجسم هذا المعنى، قيل له: هذا المعنى الذي قصدت نفيه بهذا اللفظ معنى ثابت بصحيح المنقول وصريح المعقول، وأنت لم تُقم دليلا على نفيه، وأما اللفظ فبدعة نفيا وإثباتا، فليس في الكتاب ولا السنة ولا قول أحد من سلف الأمة وأئمتها إطلاق لفظ الجسم في صفات الله تعالى لا نفياًَ ولا إثباتاً، وكذلك لفظ الجوهر والمتحيز ونحو ذلك من الألفاظ التي تنازع أهل الكلام المحدَث فيها نفيا وإثباتا " انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (١/٥٥٠) .

وقد تبين بهذا أن لفظ الجسم لفظ مجمل، يحتمل حقا وباطلا، وهو لفظ مبتدع لم يرد في النصوص نفيا ولا إثباتا، فلزم اجتنابه.

والقائل بأن الله جسم لا كالأجسام ينبغي نصحه، ودعوته للوقوف عند ما وصف الله به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ولزومِ منهج السلف.

قال السفاريني رحمه الله: "قال الإمام أحمد رضي الله عنه: لا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والحديث.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: مذهب السلف أنهم يصفون الله تعالى بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، فالمعطّل يعبد عدما، والممثل يعبد صنما، والمسلم يعبد إله الأرض والسماء" انتهى من "لوامع الأنوار البهية" (١/٢٤) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>