هل الأفضل الزواج من البعيدة أو القريبة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يفضل أن يتزوج المسلم من فتاة لا تربطه بها صلة قرابة بدلا من إحدى قريباته؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
استحب جماعة من الفقهاء أن ينكح الرجل امرأة أجنبية عنه، أي ليس بينه وبينها نسب، وعللوا ذلك بأمور:
الأول: نجابة الولد، أي حسن صفاته، وقوة بدنه، لأنه يأخذ من صفات أعمامه وأخواله.
الثاني: أنه لا يؤمن أن يقع بينهما فراق، فيؤدي إلى قطيعة الرحم.
قال في "الإنصاف" (٨/١٦) : " ويستحب تخيّر ذات الدين الولود البكر الحسيبة الأجنبية " انتهى.
وقال في "مطالب أولي النهى" (٥/٩) : " (الأجنبية) لأن ولدها يكون أنجب، ولأنه لا يأمن الفراق، فيفضي مع القرابة إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها. وقد قيل: إن الغرائب أنجب، وبنات العم أصبر" انتهى.
وقال النووي في "المنهاج": " ويستحب ديّنة بكر نسيبة ليست قرابة قريبة ". وقال الجلال المحلي في شرحه: " (ليست قرابة قريبة) بأن تكون أجنبية أو قرابة بعيدة. . . والبعيدة أولى من الأجنبية " انتهى من "شرح المحلي مع حاشية قليوبي وعميرة" (٣/٢٠٨) .
وأنت ترى أن المسألة ليس فيها نص، ولكنه اجتهاد من الفقهاء بنوه على هذه المصالح، وهذا يختلف من شخص إلى آخر، ومن قرابة إلى قرابة، فقد يرى الرجل أن نكاحه لقريبته فيه حفظ لها , وإكرام لأهلها، أو تكون صاحبة وخلق.
والأصل هو جواز النكاح، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش وهي ابنة عمته، وزوّج زينب ابنته من أبي العاص وهو ابن خالتها، وزوج عليا من فاطمة وهو ابن عم أبيها.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعد أن ذكر تعليل الفقهاء بنجابة الولد وخوف قطيعة الرحم: " وما قالوه صحيح، لكن إذا وجد في الأقارب من هو أفضل منها للاعتبارات الأخرى [أي: الدين والحسب والجمال] فإنه يكون أفضل. وعند التساوي تكون الأجنبية أولى.
ومن ذلك: إذا كانت بنت العم امرأة ذات دين وخلق، وأحواله وإمكاناته ضعيفة تحتاج إلى رفق ومساعدة، فإنه لا شك أن في هذا مصلحة كبيرة، فالإنسان يراعي المصالح في هذا الأمر، فليس في المسألة نص شرعي يجب الأخذ به، ولذلك يتبع الإنسان ما يراه أكثر تحقيقا للمصالح " انتهى من "الشرح الممتع" (٥/١٢٣) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة عن الزواج من الأقارب وهل ذلك سبب لحصول الإعاقة للأولاد؟
فأجابوا: " ليس هناك أحاديث صحيحة تمنع من الزواج بين الأقارب , وحصول الإعاقة إنما يكون بقضاء الله وقدره , وليس من أسبابه الزواج بالقريبات كما يشاع " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (١٨/١٣) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب