للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مصادقة الكافرة

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز لمسلمة أن تتخذ كافرة صديقة لها إذا كانت محتشمة ومؤدبة جدّاً دون إهمال دينها؟ .

وهل هناك عقوبة شديدة إذا فعلت هذا؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا شك أن مصاحبة المسلمة للكافرة مضرة لها في دينها، والكافرة لا تتخلق بما تتخلق به المسلمة ولا تَدين لله تعالى بدين الإسلام، وعليه فإنها لا تتورع عن فعل ما يضر هذه المسلمة التي قد تغتر باحتشام أو أدب هذه الكافرة خاصة ما يضر في الدين.

كما أن مصادقتها والأنُس معها قد تولد في القلب نوعاً من الرضا ببعض ما تؤديه من شعائر دينها وتُضعف البراءة والمعاداة في الله.

بل قد تقود بعض الجهلة إلى عدم الرضا بحكم الله تعالى على الكفار بالكفر والخلود في النار والعياذ بالله تعالى.

ومن هنا قال النَّبي صلى الله عليه وسلم " لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامَك إلا تقي " رواه الترمذي (٢٣٩٥) وأبو داود (٤٨٣٢) ، وصححه ابن حبان (٢ / ٣١٤) وحسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " (٧٣٤١) .

ولا نعني بهذا المقاطعة التامة بين المسلمة والكافرة بل لها أن تزورها وتعودها وتهديها هدايا – من غير مودة قلبية ولا مشاركة في أعيادهم -، وعلى الأخت المسلمة أن تقصد في مثل هذه الزيارت والهدايا دعوة هذه الكافرة للإسلام، وقد فعل ذلك نبيُّنا صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك حديثان:

١. عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاةُ دخل عليه النَّبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فنزلت {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم} التوبة / ١١٣.

رواه البخاري (٤٣٩٨) ومسلم (٢٤) .

٢. عن أنس رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدم النَّبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النَّبي صلى الله عليه وسلم يعودُه فقعد عند رأسه، فقال له: أسلِم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم صلَّى الله عليه وسلم فأسلَم، فخرج النَّبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النَّار. رواه البخاري (١٢٩٠) .

وقد أذن النَّبي صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر باستقبال أمها المشركة، وأهدى عمر رضي الله عنه أخاه المشرك ثوباً.

فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمتْ عليَّ أمِّي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي راغبة أفأصِلُ أمِّي؟ قال: نعم صِلِي أمَّكِ. رواه البخاري (٢٤٧٧) ومسلم (١٠٠٣) .

ومعنى " راغبة ": أي: راغبة في بر ابنتها.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: رأى عمر بن الخطاب حلة سيراء عند باب المسجد فقال: يا رسول الله لو اشتريتَها فلبستَها يوم الجمعة وللوفد، قال: إنَّما يلبسها من لا خَلاق له في الآخرة، ثم جاءت حُلَل فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر منها حلة، وقال أكسوتنيها وقلت في حلة عطارد ما قلت؟ فقال: إني لم أكسكها لتلبسها، فكساها عمر أخا له بمكة مشركاً.

رواه البخاري (٢٤٧٠) ومسلم (٢٠٦٨) .

قال الشيخ صالح الفوزان:

زيارة الكفار من أجل دعوتهم إلى الإسلام لا بأس بها، فقد زار النبي صلى الله عليه وسلم عمَّه أبا طالب وهو يحتضر ودعاه إلى الإسلام، وزار اليهودي ودعاه إلى الإسلام.

أما زيارة الكافر للانبساط له والأنس به فإنها لا تجوز لأن الواجب بغضهم وهجرهم، ويجوز قبول هداياهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبِل هدايا بعض الكفار، مثل هدية المقوقس ملك مصر، ولا تجوز تهنئتهم بمناسبة أعيادهم لأن ذلك موالاة لهم وإقرار لباطلهم. " المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (١ / ٢٥٥) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>