للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل تلبس الحجاب أمام أخي زوجها المريض عقلياً؟

[السُّؤَالُ]

ـ[إنني أعيش مع عائلة مشتركة تتكون من زوجي ووالديه وأخويه والذي يعاني أحدهما من تأخر في النمو العقلي، وهو لا يعمل ولا يشارك في أية أنشطة معقدة بل يقضي معظم الوقت في البيت، وأنا أدرك أن زوجي وأخاه يتوجب عليهما مراعاته لبقية حياته. وسؤالي: هو هل يجب علي أن ارتدى كامل ملابسي أمام هذا الأخ المريض أم لا؟ وهل يمكنكم إخباري بالأحكام العامة والحدود الإسلامية التي يجب مراعاتها عند العيش مع عائلة مشتركة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

يجب على المرأة ستر جميع بدنها عن الرجال الأجانب، ويدخل في ذلك الوجه والكفان على الراجح من قولي العلماء، وينظر: سؤال رقم (١١٧٧٤) .

وإخوان الزوج وأقاربه – غير آبائه وأبنائه – هم أجانب عنها، يلزمها الستر أمامهم، بل يتأكد ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ الله، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ) رواه البخاري (٥٢٣٢) ومسلم (٢١٧٢) .

قال الليث بن سعد: الحمو: أخ الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج، ابن العم ونحوه.

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم": " وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْحَمو الْمَوْت) فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْخَوْف مِنْهُ أَكْثَر مِنْ غَيْره , وَالشَّرّ يُتَوَقَّع مِنْهُ , وَالْفِتْنَة أَكْثَر لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُصُول إِلَى الْمَرْأَة وَالْخَلْوَة مِنْ غَيْر أَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ , بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيّ. وَالْمُرَاد بِالْحَمْوِ هُنَا أَقَارِب الزَّوْج غَيْر آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ. فَأَمَّا الْآبَاء وَالْأَبْنَاء فَمَحَارِم لِزَوْجَتِهِ تَجُوز لَهُمْ الْخَلْوَة بِهَا , وَلَا يُوصَفُونَ بِالْمَوْتِ , وَإِنَّمَا الْمُرَاد الْأَخ , وَابْن الْأَخ , وَالْعَمّ , وَابْنه , وَنَحْوهمْ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ. وَعَادَة النَّاس الْمُسَاهَلَة فِيهِ , وَيَخْلُو بِامْرَأَةِ أَخِيهِ , فَهَذَا هُوَ الْمَوْت , وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْأَجْنَبِيّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ " انتهى.

وعليه؛ فإذا كنت تعيشين مع عائلة زوجك فإن عليك ارتداء الحجاب أمام إخوانه وأبنائهم، مع تجنب الخلوة بواحد منهم، وتجنب استعمال الطيب في وجودهم.

وليس لك أن تصافحي من هو أجنبي عنك، ولك أن تتحدثي إليهم عند الحاجة دون خضوع بالقول، كما قال تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) الأحزاب/٣٢.

ثانياً:

إذا كان أخو الزوج مصاباً بتأخر عقلي بحيث لا يدرك أمور النساء ولا يميل إليهن وليست له شهوة، فإنه يكون من (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ) فتكشف المرأة أمامه ما تكشفه لمحارمها، وهو ما يظهر منها غالباً كالرأس والوجه والذراعين والقدمين.

وإن كان يفطن لأمور النساء ويميل إليهن، فهو كغيره من الرجال، يلزم التحجب أمامه.

قال ابن قدامة رحمه الله: " ومن ذهبت شهوته من الرجال لكِبَر، أو عُنّةٍ، أو مرض لا يُرجى برؤه، والخصيّ..، والمخنث الذي لا شهوة له، فحكمه حكم ذوي المحرم في النظر، لقوله تعالى: (أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ) ، أي: غير أولي الحاجة إلى النساء، وقال ابن عباس: هو الذي لا تستحي منه النساء، وعنه: هو المخنث الذي لا يكون عنده انتشار [أي مقدرة على الانتصاب] .

وعن مجاهد وقتادة: الذي لا أرب له في النساء.

فإن كان المخنث ذا شهوة ويعرف أمر النساء فحكمه حكم غيره، لأن عائشة قالت: دخل على أزواج النبي صل الله عليه وسلم مخنث فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة من الرجال فدخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينعت امرأة، أنها إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أرى هذا يعلم ما ههنا، لا يدخلنّ عليكم هذا) فحجبوه" انتهى من "المغني" (٧/٤٦٣) .

وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله: الشخص المتخلف عقلياً البالغ هل يجب على النساء أن يتحجبن عنه؟

فأجاب:

"إذا كان التخلف شديداً، بحيث لا يعقل ولا يفهم، ولا يدرك المعاني وليس له الشهوة التي تبعثه إلى النظر واللمس ونحو ذلك، ولا همة له نحو النساء، بل هو كالطفل أو أقل حالة، فلا حاجة إلى التحجب عنه، ويدخل في قوله تعالى: (أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ) النور/٣١. أما إذا كان يعقل بعض هذه الأشياء، وله ميل إلى النساء، ويظهر من كلامه أنه يحس بشهوة، فلا يمكن من دخوله على النساء، ويلزمهن التحجب عنه، لقصة ذلك المخنث الذي قال لأخي أم سلمة: إذا فتحتم الطائف فإني سأدلك على ابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أرى هذا يعرف ما ها هنا لا يدخل عليكن) رواه البخاري وغيره، والله أعلم" انتهى من "فتاوى الشيخ ابن جبرين".

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>