للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث ضعيف في فضل الدعاء بـ يا رب يا رب

[السُّؤَالُ]

ـ[أرغب في معرفة صحة الأحاديث الآتية: روى ابن أبي الدنيا عن عائشة وأنس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال العبد: يا رب! يا رب! يا رب! قال الله تعالى: لبيك عبدي، سل تعط) . روى البزار عن عائشة رضي الله عنها: (إذا قال العبد: يا رب! أربعا، قال الله تعالى: لبيك عبدي، سل تعط) .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

من أسباب إجابة الدعاء سؤال الله تعالى بذكر ربوبيته، فهو سبحانه يحب من عباده الاعتراف بالفقر والذل إليه، فدعاء العبد بقوله: " يا رب "، هو مما يحبه الله ويرضاه.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في كلام له عن أسباب إجابة الدعاء، وذكر منها:

" الإلحاح على الله عز وجل بتكرير ذكر ربوبيته، وهو من أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء ... ثم روي عن أبي الدرداء وابن عباس رضي الله عنهما كانا يقولان: اسم الله الأكبر (رب، رب) ، وعن عطاء قال: ما قال عبد: يا رب! يا رب! ثلاث مرات إلا نظر الله إليه، فذكر ذلك للحسن فقال: أما تقرؤون القرآن، ثم تلا قوله تعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ. رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ. رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) آل عمران/١٩١-١٩٤.

ومن تأمل الأدعية المذكورة في القرآن وجدها غالبا تفتتح باسم الرب، كقوله تعالى: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) البقرة/٢٠١. (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) البقرة/٢٨٦. وقوله: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا) آل عمران/٨، ومثل هذا في القرآن كثير، وسئل مالك وسفيان عمن يقول في الدعاء: يا سيدي؟ فقال: ألا يقول: يا رب. زاد مالك: كما قالت الأنبياء في دعائهم " انتهى.

"جامع العلوم والحكم" (ص١٠٦-١٠٧) .

وقال المناوي رحمه الله:

"من أسباب الإجابة، بل من أعظمها: الإلحاح عليه تعالى، والترامي على فضله وكرمه وعظيم ربوبيته ونواله. وإنما يقول الداعي في جؤره: " يا رب يا رب " بأداة البعد، مع كونه أقرب إليه من حبل الوريد، احتقارا لنفسه، واستبعادا لها من مظان الزلفى ومنازل المقربين، هضما لنفسه، وإقرارا عليها بالتفريط في جنب الله، مع فرط التهالك على استجابة دعوته. ذكره الزمخشري. وقد احتج بهذا الحديث مَن ذهب إلى أن الاسم الأعظم هو "الرب"." انتهى.

"فيض القدير" (١/٥٢٦) .

غير أن الحديث المذكور في السؤال لا يصح، وهو ما جاء عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال العبد: يا رب. أربعا. قال الله تبارك وتعالى: لبيك عبدي، سل تعط) .

فقد رواه ابن أبي الدنيا في "الدعاء"، وأبو الشيخ في "الثواب" – كما عزاه إليهما السيوطي في "الجامع الكبير" - والبزار في مسنده – كما في "كشف الأستار" (٤/٤١) -، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥١/١٦٥) ، والديلمي في "مسند الفردوس" (١١٢٢) جميعهم من طريق يعقوب بن محمد الزهري عن الحكم بن سعيد الأموي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها به.

وقال البزار: لا نعلمه بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه. انتهى.

وهذا السند ضعيف، فيه علتان:

إحداهما: يعقوب بن محمد الزهري، فقد قال فيه أبو زرعة: واهي الحديث. وقال أبو حاتم: أدركته فلم أكتب عنه. ومما أُخذ عليه تحديثه عن الضعفاء. انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (١١/٣٩٧) .

الثانية: الحكم بن سعيد الأموي، قال فيه البخاري: منكر الحديث. انظر "ميزان الاعتدال" (١/٥٧٠) .

ولذلك قال الهيثمي عن هذا الحديث: " فيه الحكم بن سعيد الأموي وهو ضعيف " انتهى.

"مجمع الزوائد" (١٠/١٥٩) .

وقال الشيخ الألباني رحمه الله: "ضعيف جدا" انتهى. "السلسلة الضعيفة" (٢٦٩٣) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>