هل للجمعة سنّة قبليّة وسنّة بعدية
[السُّؤَالُ]
ـ[يُرفع الأذان يوم الجمعة ثم يصلي الحاضرون ركعتين أو أربع ركعات، ثم يُرفع الأذان مرة أخرى ويتبعه الإقامة. وبعد الفراغ من ركعتي الجمعة، يقوم المصلون بأداء ركعتين أو أربع ركعات أخر. إضافة إلى ذلك، فإن الإمام يرفع يديه في الدعاء ثم يمسح وجهه، ويتابعه الجميع في ذلك. فهل يعد ذلك من البدعة؟ وإذا كان بدعة، فماذا أفعل أنا، (هل أكتفي بالنظر إلى الجميع من حولي) ؟
إمام يدعو بعد الصلاة دعاء جماعيا فهل هذا جائز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كان رسول الله يخرج من بيته يوم الجمعة، فيصعد منبره، ثم يؤذن المؤذن، فإذا فرغ أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته. ولو كان للجمعة سنة قبلها، لأخبرهم عليه السلام بذلك وأرشدهم إلى فِعْلها بعد الأذان، وفعلها هو. ولم يكن في زمن النبي غير الأذان بين يدي الخطيب.
ولهذا كان جماهير الأئمة، متفقين على أنه ليس قبل الجمعة سنة مؤقتة بوقت، مقدّرة بعدد، لأن ذلك إنما يثبت بقول النبي أو فعله، وهو لم يسن في ذلك شيئاً، لا بقوله ولا بفعله، وهذا
مذهب مالك والشافعي وأكثر أصحابه، وهو المشهور في مذاهب أحمد
وقال العراقي:
((ولم أر للأئمة الثلاثة ندب سنة قبلها))
وعلق عليه المحدث الألباني بقوله:
ولذلك لم يرد لهذه السنة المزعومة ذكر في ((كتاب الأم)) للإمام الشافعي، ولا في ((المسائل)) للإمام أحمد، ولا عند غيرهم من الأئمة المتقدمين فيما علمت.
ولهذا فإني أقول:
إن الذين يصلون هذه السنة، لا الرسول أتبعوا، ولا الأئمة قلدوا، بل قلدوا المتأخرين، الذين هم مثلهم في كونهم مقلدين غير مجتهدين، فأعجب لمقلد يقلد مقلداً.
انظر القول المبين ٦٠، ٣٧٤
ثمّ ينبغي أن يكون بين النداء الأول للجمعة والنداء الثاني فترة كافية ليتجهّز الناس للصلاة وليس بصحيح أن يكون لفاصل بينهما قصيرا بمقدار ركعتين أو نحوها كما يُفْعل في بعض البلدان والمساجد.
أما عن الدعاء الجماعي بصوت واحد وراء الإمام بعد الصلاة فقد أجاب عنه الشيخ ابن عثيمين في الفتاوى ص ٣٦٨ بقوله:
إن هذا من البدع التي لم ترد عن النبي ولا عن أصحابه والمشروع للمصلين بعد الصلاة أن يذكروا الله تعالى وحده بما جاء رسول الله ويكون ذلك جهراً كما في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم) .
أما عن الصلاة بعد الجمعة فقد قال ابن القيم في الزاد ١/٤٤٠:
وكان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الجمعة، دخل إلى منزله، فصلى ركعتين سنتها وأمر من صلاها أن يصلي بعدها أربعا. قال شيخنا أبو العباس ابن تيمية: إن صلى في المسجد، صلى أربعا، وإن صلى في بيته، صلى ركعتين. قلت: وعلى هذا تدل الأحاديث وقد أخرج أبو داود في سننه ١١٣٠ عن ابن عمر أنه كان إذا صلى في المسجد، صلى أربعا، وإذا صلى في بيته، صلى ركعتين.
وأما مسح الوجه عقب الدعاء فلم يثبت فيه حديث صحيح، بل إن بعض أهل العلم نصوا على بدعيته انظر معجم البدع (ص ٢٢٧) .
فلا تفعل أنت البدعة ولا تُشارك فيها ولكن انصح وأمر بالسنّة وذكّر النّاس وأخبرهم بالحكم الشّرعي، نسأل الله أن يهدينا جميعا للصراط المستقيم وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد