للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقفات شرعية مع الأزمة المالية

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هو تعليقكم فضيلة الشيخ محمد المنجد بخصوص ما حصل من الأزمة المالية]ـ

[الْجَوَابُ]

بسم الله الرحمن الرحيم

وقفات شرعية مع الأزمة المالية

مما لا يخفى على أحد أن الأزمة المالية اليوم تعصف بالعالم شرقاً وغرباً، فهي حدثٌ عظيم أقضَّ مضاجع السَّاسة وأصحاب القرار وأرباب الفكر والاقتصاد، وهي خطبٌ جسيم، له تعقيداته وتداعياته المتعددة، يوضح ذلك الاضطراب الكبير الذي يعيشه الاقتصاديون والسياسيون، وكثرة الكتابات، وتباين التحليلات، فهم في أمر مريج، وقد أقبل بعضهم على بعض يتلاومون فيمن يتحمل مسؤولية ما حدث.

وهذه الأزمة تستوجب وقفاتٍ لبيان بعض الجوانب الشرعية المهمة المتعلقة بها:

١- الأزمة حقيقية: تهاوت فيها بنوك كبرى ومؤسسات مالية، وانحدرت فيها البورصات العالمية، وتبخرت تريليونات، وطارت مليارات من أسواق المال، وهوت دول في العالم إلى الحضيض، وملايين فقدوا أموالهم إما على هيئة أسهم، أو مدخرات أو استثمارات، وتآكلت من استثمارات الشعب الأمريكي في البورصات المالية بمقدار ٤ تريليون دولار، وصارت هذه الأزمة أشبه بتسونامي يعصف باقتصاديات الكثير من الدول.

٢- فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ: الاقتصاد والمال هما القاعدة الأساس للمجتمع الغربي، ولما ركنوا إليها وتركوا شريعة الله (فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ) .

وها نحن نرى اليوم تدميراً كبيراً يُطبق عليهم، فأمسى البناء الاقتصادي الذي تفاخروا به وظنوا أنه يمنعهم ويحميهم سبباً لاضطرابهم وفساد أمرهم، فجاءهم البلاء من فوقهم ومن أسفل منهم، وكانوا يظنون نظامهم المالي محكماً ولكن جاءهم من جهته ما لم يكونوا يحتسبون (وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ)

٣- قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ: كما أن للمصائب والكوارث أسباباً مادية معروفة، فإن لها أسباباً شرعية كذلك، ووجود الأسباب المادية لا يتنافى مع الأسباب الشرعية.

فالظلم والبغي والذنوب والمعاصي وأكل الحقوق كلها أسباب لنزول المصائب بالناس، على مستوى الأفراد والجماعات، بل على العالم كله أحياناً، كما نشهده في هذه الأزمة التي تنطوي على كوارث يتبع بعضها بعضاً، (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) ، (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) .

وفي الحديث الصحيح: (إذا ظهر الزنا والربا في قرية، فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله) أخرجه الطبراني في الكبير وصححه الألباني في صحيح الجامع (٦٧٩) .

فلم يكن ما نزل بالقوم آفة سماوية، وإنما بلاء أصابهم بذنوبهم وبما كسبت أيديهم.

٤- الله يُمهل ولا يُهمل: فقد أمهلهم وهم يتعاملون بالربا، ويأكلونه أضعافًا مُضاعَفة، ويحاربونه تعالى على مر السنين، حتى أخذهم بالنقص والبوار، كما فعل مع فرعون وقومه من قبل: (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) .

وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ) ، ثُمَّ قَرَأَ: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) متفق عليه.

فلا يظنن ظانٌ أنَّ الله في عليائه وكبريائه وجبروته يترك هؤلاء يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق، ويكفرون به، ويقترفون كل كبيرة، ثم لا يُنزل بهم بطشه وعقوبته وعذابه.

٥- مصير الباطل إلى ضعف واضمحلال: فمهما علا وارتفع فهناك يوم سينخفض فيه ولا بد، سنةٌ من سنن الله لا تتبدل ولا تتغير (حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ) البخاري (٢٨٧٢)

لقد تبوّأ الغربيون ذروة الاقتصاد عالمي، وقالوا:" من أشدّ منّا قوّة؟ فأنزلهم الله تعالى من صياصيهم وقلاعهم المالية، وقذف في قلوبهم الهلع والرعب، وأظهر زيف ادعاءاتهم.

٦- انكسار منسأة العالم الغربي: لقد أكلت سوسة الربا والمحرمات المالية منسأة العالم الغربي، الذي كان يتظاهر أمام الناس بأنه قويٌ معتدل، بينما هو يستند على عصاً منخورة، فلما خر تبينت الجن والإنس والشرق والغرب أنَّ البناء خاو والأساس متهالك لايمكن إنقاذه وإعادته، وقد صرح وزير المالية الألماني "بير شتاينبروك" قائلا: "إن العالم لن يعود أبداً إلى ما كان عليه قبل الأزمة ".

٧- حرب الله على أهل الربا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ... ) .

وهذه الحرب تتجلى اليوم بصورها المتنوعة: على الأعصاب والقلوب..على البركة والرخاء..على المال والقوة.. على السعادة والطمأنينة.

إنها حرب القلق والخوف..الساحقة الماحقة من جراء النظام الربوي المقيت..والمسعرة حتى الآن؛ تأكل الأخضر واليابس.

وهاهم اليوم يصابون بالاكتئاب والقلق والإحباط والانهيارات النفسية جراء الأزمة المالية، حتى قالت العالمة النفسية الأمريكية " نانسي موليتور": " لم أشهد يوماً طوال ممارستي هذه المهنة منذ عشرين عاماً، ما يشبه ذلك، إن مستوى القلق يحطم كلَّ الأرقام القياسية".

ووصل الأمر إلى حالات قتل وانتحار نتيجة ضغوط الأزمة.

٨- (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا) : والمحق حسي ومعنوي، فيذهب ببركة المال فلا ينتفع به صاحبه، أو يذهب بالمال كليةًَ كما سمعنا عن تبخر ترليوني دولار في خمسة أيام من أموال مصلحة التقاعد الأمريكية ... وقد أدت الأزمة حتى الآن إلى اختفاء ١٦ بنكا من الساحة، من بينها بنك "إندي ماك" الذي يستحوذ على أصول بقيمة ٣٢ مليار دولار، وودائع تصل إلى ١٩ مليار دولار.

بل طالتْ عملية الإفلاس سبعة بنوك كبرى في أوروبا.

ويتوقع بعض المحللين أن يتم إغلاق ما يقرب من ١١٠ بنكا، تصل قيمة أصولها إلى حوالي ٨٥٠ مليار دولار بحلول منتصف العام القادم.

٩- المرابي يعاقب بنقيض قصده: (وما أَتْيتُم مِن رِباً لِيَرْبُوَ في أَمْوال النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْد الله) وفي الحديث الصحيحَ: (مَا أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ الرِّبَا إِلَّا كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِ إِلَى قِلَّةٍ) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

وقد ظهر للناس من ذلك صور كثيرة، منها أن خسائر ١٠ أثرياء بريطانيين بلغت ٤٠ مليار دولار،، كما أن أحد المرابين الكبار تناقصت ثروته خلال أربعة أشهر بمعدل ٧ ملايين في كل ساعة، وفي روسيا بلغت خسائرُ رجال الأعمال نحو ٢٣٠ بليون دولار، ويمثل هذا المبلغ نحو ٦٢ % من مجموع ثروات الأثرياء الروس!! فكيف حسرة أمثال هؤلاء

١٠- تزاوج الربا والميسر نذير خراب ودمار: وكانت من نتيجة هذا التزاوج إعلان أكبر المصارف الأمريكية إفلاسها، كمصرف "ليمان براذرز"، ومصرف "أنتجرتي"، و"واشنطن ميوتشوال"، وانهيار أكبر شركة تأمين (AIG) التي دفعت (١١) بليون دولار من التعويضات, وتكبدت أكبر خسائر في تاريخها الذي يمتد إلى تسعين عاما!!.

وأصبح ما بين (٢-٣) ملايين أمريكي يواجهون خطر فقدان منازلهم، بسبب عدم قدرتهم على دفع الأقساط الشهرية.

ومع هذه الآثار يطالبنا بعض من في قلبه مرضٌ بالتأمين على الأرصدة ضد مخاطر الإفلاس!!

١١-جزاء الطمع: الطمع والجشع، والخداع، والتدليس في العقود، مع التغرير بالناس، واستغلال حاجتهم.. أسبابٌ لها تأثيرها الواضح في الأزمة، فقد توسعت بعض هذه البنوك في الإقراض لأكثر من (٦٠) ضعف حجم رؤوس أموالها الحقيقية، طمعاً في الأرباح الكثيرة.

وقد علقت بعض صحفهم على هذه الأزمة بقولها: " لوموا الطمع".

١٢- مخاطر التعامل بالأرصدة الوهمية: فقد أظهرت الأزمة الفارق الكبير بين القطاع العيني من السلع والخدمات والمنتجات الحقيقية، وبين المشتقات المالية المعاصرة كالنقود الإلكترونية، والسندات المالية، والبطاقات الائتمانية على نقود وهمية..والأرصدة الإلكترونية التي لا وجود لها إلا في ذاكرة الحواسيب ... تكتسب قيمتها من ضمان البنوك لها، فإذا فقدت الثقة في هذه البنوك والمؤسسات زالت قيمتها.

فماذا يفعلون بعد أن تبخرت الأرقام الفلكية للمليارات والترليونات التي كانت تتراقص على شاشات البورصات.

١٣- الاقتصاد الحر والفشل: هذه الأزمة أكبر دليل على فشل نظرية الاقتصاد الحر، فترك الباب مفتوحا على مصراعيه؛ ليتصرّف الفرد كما يشاء، دون قيود وضوابط لتصرفاته الاقتصادية لتنمية المال، أدى إلى تضخّم رؤوس المال لدى فئة من المجتمع.. فعُدِم التوازن وظهرت الطبقية بآثارها المخالفة لقول الله تعالى: (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِيَاءِ مِنْكُمْ) .

ورغم الحرية المزعومة وجدنا في حلولهم للأزمة تدخل الدولة بسلطتها لتأميم المصارف والمؤسسات المالية، وضخ الأموال لشراء الأصول، وتغيير الأنظمة، وتقييد حريات الملاك، من أجل حماية المؤسسات الاقتصادية من الانهيار.

١٤- تهالك المبادئ الرأسمالية: فقد أبانت هذه الأزمة عن فشل النظام الرأسمالي وعجزه عن تحقيق الأمان المالي والتوازن والعدالة الاجتماعية والاقتصادية بين فئات المجتمع المختلفة.

ولطالما تباهى الغرب بنظامه المالي، وزعم أنه أكمل ما وصلت إليه البشرية حتى قال فوكو ياما: إن المجتمع الأمريكي هو ذروة كمال البشرية، وقمة نضج الإنسانية، وليس بعده شيء.

واليوم يعترف قادة الغرب بفشل نظامهم المالي حتى وصفوه بالبالي والمهترئ.

وحتى قال الرئيس الفرنسي ساركوزي: "إننا في حاجة إلى إعادة بناء النظام النقدي والمالي العالمي من جذوره".

وتداعوا إلى قمة تجمع قادة الدول الكبرى لوضع نظام عالمي مالي جديد قبل نهاية العام.

١٥- أين المغترون بالنظام الاقتصادي العالمي: الذين ظنوا أنهم يأوون إلى ركن شديد، وقالوا: النظام المالي العالمي محكم لا يتطرق إليه الخلل ... ثم تبين أنهم يسيرون وراء سراب لا حقيقة له، وأنهم انخدعوا بمظاهر مزيّفة، لا تستحق الإشادة ولا التمجيد.

ولقد كان في تأخر السقوط حكمةٌ بالغةٌ من الابتلاءِ والإملاء للظالمين والمغترين بهم وكشف للمنافقين والمفتونين بمناهج غير المسلمين

١٦- ثم نُكسوا على رؤوسهم: فبعدما تجاوز العالم هول الصدمة الأولى للانهيار المالي خرج بعض المنافقين ومتعصبة الرأسمالية ليدافعوا عن نظامهم المالي البالي، زاعمين أن الخلل ليس فيه، وإنما في سوء تطبيقه ونقصان بعض القيود فيه، وأنه لا يحتاج إلى تغيير وإنما يحتاج بعض التعديلات فقط وهذه مكابرة لا يستفيد أصحابها من الأحداث والعبر، (وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) ، (وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ) .

١٧- خطورة وضرر فصل الاقتصاد عن الإسلام: لطالما نادى المنافقون بضرورة الفصل بين الاقتصاد والدين، ولسان حالهم يقول كما قال قوم شعيب: (يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) .

ما للدين وسلوك الناس الشخصي وتصرفهم في أموالهم، وحياتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية وأسلوب الإنتاج، وطرق التوزيع؟

لقد أبانت هذه الأزمة أن الاقتصاد إذا ابتعد عن أحكام الشريعة وقواعدها تخبط في الظلمات، وأورث الكوارث والأزمات.

١٨- القواعد الشرعية المالية صِمَام أمان للاقتصاد: ولما تجاوز القوم هذه القواعد الشرعية في التعاملات المالية وتعدوا حدود الله وانتهكوا حرماته من خلال: الإقراض والاقتراض بالربا، وبيع الديون، والبيوع الوهمية، والبيع قبل القبض، وبيع ما لا يملك، وبيع الغرر والجهالة، والتعامل بالميسر والتأمين.. تسبب ذلك في نكبتهم وسقوط شركاتهم وبنوكهم..وبلغ حجم المشتقات المالية المشؤومة الهالكة المهلكة في العالم أكثر من ٦٠٠ تريليون دولار.

١٩- الأساس السليم يورث بناء سليما: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) .

فلا اقتصاد بلا نور الوحي، وليس كما ينادى المنافقون بأنه" لا اقتصاد بغير بنوك، ولا بنوك بغير ربا".

٢٠-فرصة ذهبية للدعوة: ما حدث يعد فرصة عظيمة لأتباع النظام الاقتصادي الإسلامي ليبينوا أنه النظام الوحيد الناجح، والذي يحقق ما يحتاجه العالم.

ولقد بدأ الغربيون أنفسهم يدركون هذه الحقيقة، إذ دعت كبرى الصحف الاقتصادية في أوروبا لتطبيق الشريعة الإسلامية في المجال الاقتصادي للتخلص من براثن النظام الرأسمالي الذي يقف وراء الكارثة الاقتصادية التي تخيم على العالم.

حتى كتب أحدهم متسائلاً: "هل تأهلت وول ستريت لاعتناق مبادئ الشريعة الإسلامية؟ ".

وقالت "سواتي تانيجا" إحدى خبيرات المال في أوروبا: " إن الأزمة المالية بأمريكا تعطي فرصة ذهبية للاقتصاد الإسلامي المنافي للتعاملات الربوية".

٢١- تهيؤ الأنظمة السياسية والمالية لتقبل النظام الإسلامي: بعد أن كان محارباً من قبل، وقد صدر مؤخرا كتاب للباحثة الإيطالية "لووريتا نابليوني" بعنوان "اقتصاد ابن آوى" أشارت فيه إلى أهمية التمويل الإسلامي، وقالت: "المصارف الإسلامية يمكن أن تصبح البديل المناسب للبنوك الغربية ".

وبعض المصارف العربية بدأت تفكر جدياً بوقف عدد من التعاملات المصرفية ذات الثقافة الغربية الدخيلة كعمليات البيع على المكشوف، وبيع بالدين، والبيع متعدد الخيارات "الأُبشنز".

والمؤسف أنهم لم يفكروا بذلك إلا بعد أن اعتمده الغرب اتباعاً لهم حذو القذة بالقذة.

٢٢- استثمار الأزمة في إيصال الحق للناس: إن من واجب الخبراء الماليين الإسلاميين أن يستخرجوا مفردات النظام المالي الإسلامي من القرآن والسنة ويقدموه للبشرية نظاماً مالياً كاملاً مستقلاً، لا تابعاً ولا ترقيعياً.

فليس النظام الإسلامي هو الخالي من الربا فقط، ولا المقتصر على أحكام دون أخرى، ولا المشتمل على منتجات غربية بطلاء الأسلمة، بل هو نظام كامل مستقل يحقق مقاصد الشريعة والعدل في التعاملات المالية كافة.

٢٣- ظهور حكمة الله في التشريع: فقد استبان لكل من له قلب ونظر بعين اليقين أن الله تعالى لا يشرع شيئاً إلا وفيه مصلحة العباد، ولا يحرم شيئاً إلا وفيه ضررهم في الدنيا والآخرة.

وهذه الأزمة المالية قد أوضحت بجلاء أضرار الربا والمخالفات المالية، فسبحان من حرمها وغلّظ تحريمها!!

وليس مستغرباً أن يكتب رئيس تحرير مجلة "تشالينجز" قائلا: "لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها، ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات".

٢٤- الشفاء والعلاج لا يكون بما حرَّم الله: فالأموال المخصصة لإنقاذ المصارف وانتشال النظام المالي بزعمهم مصدرها الاستدانة الربوية، أو الظلم بزيادة الضرائب، أو طبع المزيد من العملة بغير رصيد المؤدي للتضخم، وقد ذكرت صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية أن الحكومة الفرنسية ستقدم (١٠.٥) مليار يورو إلى ٦ من المصارف بفائدة مقدارها ٨% وهي قروض بالربا أيضاً من بنوك ودول أخرى.

ولسان حالهم يقول: وَداوِني بِالَّتي كانَت هِيَ الداءُ.

٢٥- القوة المادية عند غير المؤمنين تغرُّهم وتُطغيهم: وتقودهم إلى الاستكبار في الأرض، واستعباد الآخرين، وتنسيهم قوة الله، وتجعلهم يكفرون به، ويجحدون بآياته.

وهذا هو المرض الخطير الذي أصاب قوم عاد، (فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) .

وكم من الأمم والأقوام المتجبرين في الماضي والحاضر يتصرفون بالمنطق ذاته، وسيهلكهم الله كما أهلك قومَ عاد!.

وكفار اليوم ليس لديهم حصانة من بطش الله: (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ) .

٢٦- عاقبة الظلم والبغي والتكبر وخيمة: فالظالم والباغي والمتكبر في الأرض بغير الحق لا يسلم من سوء العقاب ولا يفلح (إنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) .

وهاهي أقوى دولة في العالم اليوم بحاجة إلى المساعدة وتريد الاقتراض بأي وسيلة، بعد أن أنفقت في حربها الظالمة على العراق أكثر من (٧٠٠) مليار دولار باعتراف بعض ساستهم، وقدر بعض باحثيهم أن كلفة مغامراتهم العسكرية في العالم بلغت (٣) تريليون دولار.

٢٧- سنة الله مع الأمم الظالمة واحدة: (وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ) ، (وَتِلْكَ القُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً) ، (وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)

وكلمة "قارعة" نكرة تفيد العموم، فتعم كل قارعة، فقد تكون مسموعة كالصواعق والعواصف، وقد تقرع القلوب بالرعب والذعر والهلع كالانهيارات والأزمات المالية.

إنه رعب صامت على الشاشات!!.

كتب أستاذ علم السياسة والاقتصاد البريطاني "جون غري" مقالا في صحيفة "ذي أوبزيرفر تحت عنوان "لحظة الانكسار في سقوط قوة أميركا" قال فيه: "إن حقبة الهيمنة الأميركية قد انتهت" وكذلك نادى الساسة الروس وغيرهم.

٢٨- شؤمُ المعصية يعم: وهذا ظاهر في الأضرار التي لحقت بالاقتصاديات العالمية كافة، ويؤكده قول الأمين العام للأمم المتحدة: "الأزمة المالية تهدد معيشة مليارات الأشخاص عبر العالم".

وفي رسالة بعثت بها منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" إلى ٣٤ ألف لجنة للأمن الغذائي في أنحاء العالم، تقول فيها: " إن انهيار أسواق المال في العالم سيتمخض عن مجاعة حقيقية تنال ٣٦ بلدا في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية بحلول ٢٠٠٩"..

وقد بلغت خسائر البورصات العالمية قرابة (٣) تريليون دولار، وتبخرت (١٥٥) مليار دولار من بورصات الخليج في أسبوع.

وحذر رئيس منظمة العمل الدولية من فقدان حوالي ٢٠ مليون شخص وظائفهم بحلول نهاية العام القادم على خلفية الأزمة.

وصدق الله إذ يقول: (واتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) .

وكان من حكمة الله في ذلك تبغيض أصحاب مركز الزلزال المالي في قلوب أهل الأرض كافة باعتبارهم المسؤولين عن هذه الكارثة.

٢٩- لله الحكمة البالغة: في قضاءه وقدره، فتقديره سبحانه مبني على حكمته، وعدله، ذلك تقدير العزيز العليم.

ولا يخرج شيء في الكون عن مقتضى حكمته، فهو الحكيم الخبير.

ومن حكمته سبحانه جعل المصائب والكوارث سبباً للاتعاظ والتذكر والرجوع إليه، (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ، وقال: (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) .

فمن الناس من يرجع إلى الله بسبب هذه الأزمة، وكثير حقَّ عليه العذاب، لا يتوب ولا يؤوب: (فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) .

٣٠- الملك الحقيقي لله: وقد استخلف الناس في هذا المال، فما شاء أبقاه وما شاء أخذه، يغني من يشاء ويفقر من يشاء، ويعطي من يشاء ويمنع من شاء، وفي هذه الأزمة درس للمغترين والمغرورين السائرين على قول قارون: (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) ، الذين نسوا أن الله قادر على أخذهم وأخذ أموالهم وثرواتهم فجأة.

٣١- الإنسان هلوع جزوع: أبانت هذه الأزمة عن مدى الهلع والجزع الذي أصاب الناس كما قال تعالى: (إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا، إِلا الْمُصَلِّينَ) .

فإذا أصابه المكروه جزِع، ويئس، وقنط (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نزعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ) .

وقد نتج عن هذه الأزمة: حالات انتحار وقتل.. سكتات قلبية ودماغية.. جلطات وأمراض مزمنة.. وانهيارات عصبية وأزمات نفسية.. وانتهت بعض الدراسات إلى أن ٥٧% من المتعاملين بالبورصة يصابون بالأمراض "النفس جسدية وفي تصريح لمنظمة الصحة العالمية: " الأزمة المالية ستزيد الاضطرابات العقلية في العالم".

أما المؤمن فحاله مختلفة تماما: (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) مسلم (٢٩٩٩) .

٣٢- شدة تعلُّق الإنسان بالمال: وقد كانت هذه الأزمة مثالا واضحا للحقيقة التي ذكرها الله بقوله: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا) أي: حباً كثيرًا شديداً.

وقوله: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) .

وكان من تأثير هذا الأمر أن أقدم بعض من خسر ماله على الانتحار، لأن المال كان كل شيء في حياته، فلما فقده لم يعد عنده للاستمرار في الحياة دافع، فأقدم على الانتحار بعد أن صار عبدا للدينار والدرهم والدولار، وهذا من نتائج تعلُّق القلب بغير الله.

٣٣- ضعف التوكل على الله في أمر الرزق والمعاش، لقد كشفت هذه الأزمة عن مدى القلق الشديد على المستقبل، نتيجة للخوف من عدم القدرة على توفير الاحتياجات الأساسية، والتخلُّص من تبعات الديون.

ولو آمن الناس بقوله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) ، وبقوله: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) لرزقهم رزقاً حسناً سهلاً ميسوراً مضموناً كما يرزق الطير.

٣٤- في ذهاب أموال الجبابرة عبرة تذكِّر بموقف الفريقين من الطاغية قارون: وذلك لما خرج على الناس بأبهى زينته: (قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) .

وكذلك يقول المغترون في كل زمان، وأما أهل العلم والإيمان فيقولون: (وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ) .

فلما خسف الله به الأرض، كانت النتيجة: (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) .

٣٥- تقلب حال الدنيا وزوالها: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) .

فالدنيا ظل زائل، نعيمها يبور، وزخرفها زور (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) .

(وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) ، (وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ) أي: محل الإقامة ومنزل السكون والاستقرار.

والدنيا خضرة حلوة، تغر أهلها، ولما ظن الكفار أن أموالها دائمة لهم بعدما نجحوا في التجارات والصناعات وتقدموا في الآلات والمخترعات، أتاهم أمر الله بغتة كما قال عز وجل: (حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) .

وقال سبحانه: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ، كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) .

٣٦- قصور البشر في التحليل وتوقع الأزمات: فقد كانت بعض دراسات استشراف المستقبل عند الغرب تبشر باستمرار الازدهار وتحسن أوضاع الأسواق، بل إن أحد مراكز الاستشراف تنبأ بأن عام ٢٠٠٩ سيكون عام ازدهار اقتصادي.

وتوقع بنك "مورجان ستانلي" الأمريكي أن يبلغ سعر برميل النفط ١٥٠ دولار، وقالوا: انتهى عصر النفط الرخيص، وتوقع آخرون بلوغه ٢٠٠دولار للبرميل.

ومع تقدم العلوم الرياضية، والنظريات الاحتمالية، واختراع الحواسيب التي تقوم بالتحليل وحساب نتائج المعادلات الصعبة، ظن بعض الغربيين أن ذلك كاف في الحكم على المستقبل ومعرفته بدقة، فاتكأوا كثيرا على نتاج أبحاثهم، فكانت هذه الأزمة مخيبة لتوقعاتهم ودراساتهم، صادمة ودافعة لهم للاعتراف بقصورهم وعجزهم واعترافهم بأنهم سيعيدون حساباتهم ويعدِّلون توقعاتهم. وصدق الله القائل: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) ، (يعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) .

على أن بعض عقلائهم قد حذروا من هذه الانهيارات وأسبابها، ولكن لم تلق تحذيراتهم آذانا مصغية، إلا بعد فوات الأوان، وبعد أن لم يعد الإنقاذ بالإمكان.

وختاماً: نسأل الله تعالى أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، ويعز الإسلام والمسلمين، ويذل المنافقين والكافرين، ويعوض من أصيب من المسلمين خيراً، ويعظم لهم أجراً، ويوفقنا جميعا لما يحب ويرضى.

وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ.

يليه الجزء الثاني إجراءات وعلاجات في الأزمة المالية.

[الْمَصْدَرُ]

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>