للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زنى بها ويريد أن يتزوجها سراً

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا شاب وقعت في الخطأ مع فتاة فافتضضت بكارتها، لا أعمل، ومازلت صغيراً، فهل أستطيع الزواج بها سرّاً إلى أن أستطيع تحمل المسؤولية لكي تطمئن على نفسها، وتحصن فرجها.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

الواجب عليك وعلى تلك المرأة التوبة الصادقة، وتدارك نفسيكما قبل فوات الأوان، فقد ارتكبتما فاحشة قبيحة، شرع تعالى على فاعلها الحدَّ في الدنيا، وتوَّعد على فعلها العذاب في الآخرة.

وحتى تتحقق فيكما التوبة، وتكون صادقة: فإنه ينبغي لكما تحقيق شروط التوبة، وهي: الإخلاص، والندم، والعزم على عدم الرجوع إلى الذنب، وأن تكون توبتكما في الوقت الذي يقبلها الله تعالى فيه، فلا يقبل الله التوبة عند الغرغرة قبل قبض الروح، ولا بعد طلوع الشمس من مغربها.

وراجع جواب السؤال رقم (١٣٩٩٠) .

ثانياً:

وبخصوص سؤالك عن التزوج بها: فاعلم أنه لا يحل لك ذلك، إلا أن تتوبا من معصيتكما، فإن تزوجتها قبل التوبة: لم يصح النكاح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" ولهذا كان الصحيح من قولي العلماء أن الزانية لا يجوز تزوجها إلا بعد التوبة " انتهى.

" مجموع الفتاوى " (٣٢ / ١٤١) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

زنى رجل ببكرٍ ويريد أن يتزوجها فهل يجوز له ذلك؟ .

فأجابوا:

" إذا كان الواقع كما ذكر: وجب على كلٍّ منهما أن يتوب إلى الله فيقلع عن هذه الجريمة، ويندم على ما حصل منه من فعل الفاحشة، ويعزم على ألا يعود إليها، ويكثر من الأعمال الصالحة، عسى الله أن يتوب عليه ويبدل سيئائه حسنات، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً. إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً. وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً) الفرقان/ ٦٨ - ٧١ " انتهى.

" فتاوى إسلامية " (٣ / ٢٤٧) .

وانظر جواب السؤال رقم (٨٥٣٣٥) .

ثالثاً:

وأما زواجك بها سراً، فإن كان ذلك بموافقة وليّها وحضور شاهدين، غير أنكم تواصيتم على عدم إعلانه، فلا حرج في ذلك. – وإن كان الأفضل إعلان النكاح.

أما إذا كان ذلك بدون علم أهلها ولا موافقة وليها فإن النكاح لا يصح.

وقد صحَّ الحديث بالمنع من التزوج من غير ولي.

فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا نِكَاحَ إِلَاّ بِوَليٍّ) .

رواه الترمذي (١١٠١) وأبو داود (٢٠٨٥) وابن ماجه (١٨٨١) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل) رواه الترمذي وحسَّنه (١١٠٢) وأبو داود (٢٠٨٣) ابن ماجه (١٨٧٩) من حديث عائشة، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٨٤٠) .

ولك أن تتزوجها من غير معرفة أهلك وإذنهم، إذ لا يشترط هذا في حقك، وإن كان الأفضل أن تقنعهم بالموافقة على تزوجك.

ونسأل الله تعالى أن يوفقكما لتوبة صادقة، وأن يستر عليكما في الدنيا والآخرة.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>