تأتيهم أوامر بأن يخطبوا عن الأعياد الوطنية فما العمل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إمام وخطيب بأحد المساجد، ونتلقى أحيانا أوامر من الوزارة تأمرنا فيها بالتطرق للأعياد الوطنية عندنا كعيد الفاتح، وسيوافقه في التاريخ تاريخ غزوة بدر، ونحن مأمورون بالتحدث عن المناسبة. فيقف الدعاة حيارى مع مثل هذه التعليمات، إذا خاضوا فيها وُسِمُوا بأنواع من الأوصاف عند العامة مما يؤثر سلبا على دعوتهم، مع إساءة الظن بهم. وإذا التزموا الأوامر ارتابوا مما يفعلون، علما أن الجهة المسؤولة تعاقب الإمام الذي يمتنع من التكلم عن المناسبات الوطنية.
سؤالي: كيف يكون التصرف مع مثل ما ذكر آنفا، وبخاصة في المناسبتين السابقتين؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا حرج أن يتحدث الخطيب عن غزوة بدر أو أحد أو غيرها من الغزوات، مذكرا بأنها حدثت في مثل هذه الأيام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعد هذا احتفالا أو إحداثا لعيد لم يشرع، لأن هذا إنما هو تذكير للناس بتلك الغزوة، والأهم من ذلك أخذ العبرة والدروس المستفادة منها.
ثانياً:
أما المناسبات الوطنية، فإن كان الناس يحتفلون بها ويتخذون أيامها عيدا، فليس للخطيب أن يشارك في ذلك، وحديثه عن هذه المناسبات قد يفهم منه السامع أنه مشارك ومؤيد لهذه البدعة.
ولكن إذا كانت الوزارة تعاقب من لا يتكلم عن هذه المناسبات، بالحرمان من الخطابة أو بغير ذلك من العقوبات المؤثرة، فينبغي للخطيب أن يوازن بين المصالح والمفاسد، بين مصلحة بقائه معلما وداعيا وهاديا، وبين مفسدة الكلام الذي يقد يشوه صورته عند العامة.
والذي يظهر أن الخطيب الحصيف يمكنه أن يتناول هذه المناسبات بكلام نافع يؤكد فيه على أسباب النصر، وعوامل الهزيمة، وسنن الله تعالى في قيام المجتمعات، وفي سقوطها، ومفهوم الولاء والبراء، وضرورة العودة إلى الدين، وغير ذلك من المعاني المهمة التي يحتاجها الناس.
وبهذا يكون ما يترتب على كلامه من المصالح أضعاف تلك المفسدة المشار إليها، وقد جاءت الشريعة بجلب المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، وبارتكاب أهون الشرين، كما هو مقرر ومعروف.