للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إن الله شديد العقاب

[السُّؤَالُ]

ـ[أحد الأصدقاء يسمع الأغاني عندما اقدم إليه النصيحة يرد على ويقول إن الله غفور رحيم واخبره أن الله شديد العقاب ... أريد دليل من السنة والقران إن الله شديد العقاب.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

مما يُشكر عليه السائل حرصه على هداية صديقه، وهكذا الأصدقاء يتعاهدون إخوانهم بالنصح والتوجيه والإرشاد، والحرص على الهداية دون اكتراث أو ملل، لا يَدَعُون المداهنة سبيلاً إليهم، قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة/٧١

ثانياً: ذهب جمهور العلماء إلى تحريم الغناء، كما دلت على ذلك الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة، ونُقل ذلك عن ابن عباس وابن مسعود والشعبي والثوري وغيرهم من العلماء.

(انظر: سنن البيهقي ١٠ / ٢٢٣، والمحلى ٩ / ٥٩، والمغني ١٤ / ١٦٠)

ينظر سؤال رقم (٥٠٠٠)

ثالثاً: الآيات والأحاديث في شدة عذاب الله كثيرة، ويمكن تقسيمها هنا إلى قسمين:

١- ما يتعلق بالغناء مباشرة.

٢- شدة عذاب الله عموماً.

أما القسم الأول فقد ورد فيه عدة أحاديث.

منها: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة، ورنّة عند مصيبة) رواه البزار والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة، وصححه الألباني في تحريم آلات الطرب ص ٥١

واللعن: هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى.

ومنها: رواه الترمذي (٢١٣٨) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فِي هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَتَى ذَاكَ؟ قَالَ: إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُور ُ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي.

وأما القسم الثاني: فمن القرآن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون َ) التحريم/٦، وقوله: (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَر َ) القمر/٤٨، وقوله: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) البقرة/٢٤، وقوله: (إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) غافر/٧٢، وقوله: (وخاب كل جبار عنيد * من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد * يتجرّعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ) إبراهيم/١٥–١٧، وقوله: (إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيم) الدخان/ ٤٣–٤٩، وقوله: (فالذين كفروا قطّعت لهم ثياب من نار يُصب من فوق رؤوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود * ولهم مقامع من حديد * كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍ أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق) الحج /١٩–٢٢ وغيرها كثير.

ومن السنة قوله عليه الصلاة والسلام: (يؤتى بالنار يوم القيامة لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها) رواه مسلم ٢٨٤٢، وقوله: (ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزءاً من نار جهنم، قالوا: والله إن كانت هذه لكافية، قال: إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلهن مثل حرها) رواه البخاري (٣٢٦٥) ، ومسلم (٢٨٤٣)

، وقوله: (إن على الله عز وجل عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار) رواه مسلم (٢٠٠٢) ، وقوله: (لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه؟) رواه الترمذي ٢٥٨٥، وصححه الألباني في صحيح الجامع ٥١٢٦. وقوله: (إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل، ما يرى أن أحداً أشدّ منه عذاباً، وإنه لأهونهم عذاباً) رواه البخاري ٦٥٦٢ ومسلم ٢١٣. وقوله: (يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال له: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مرّ بك نعيمٌ قط؟ فيقول: لا والله يا ربّ) رواه مسلم ٢٧٠٧.

وقوله: (لو كان في هذا المسجد مائة ألف أو يزيدون وفيهم رجلٌ من أهل النار فتنفّس فأصابهم نفسه لاحترق المسجد ومن فيه) رواه البزار وصححه الألباني في صحيح الترغيب ٣٦٦٨.

وقال ابن اليم في "الجواب الكافي" ص ٥٣-٦٨:

"وكثير من الجهال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه وضيعوا أمره ونهيه ونسوا أنه شديد العقاب وأنه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين. ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند.

وقال بعض العلماء: من قطع منك عضواً في الدنيا بسرقة ثلاثة دراهم لا تأمن أن تكون عقوبته في الآخرة نحو هذا.

وقيل للحسن: نراك طويل البكاء! فقال: أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي.

وكان يقول: إن قوماً ألهتهم أمانيّ المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة، يقول أحدهم: إني لأحسن الظن بربي، وكذب، لو أحسن الظن لأحسن العمل.

ثم ذكر رحمه الله بعض الأحاديث الدالة على شدة عقاب الله تعالى ثم قال:

والأحاديث في هذا الباب أضعاف أضعاف ما ذكرنا، فلا ينبغي لمن نصح نفيه أن يتعامى عنها، ويرسل نفسه في المعاصي ويتعلق بحسن الرجاء وحسن الظن" اهـ باختصار.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>