هل تصح الصلاة خلف من يلحن في القرآن؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام المسجد الذي أصلي فيه يخطئ في قراءة الفاتحة، فينصب المرفوع، ويكسر المرفوع، مما يغير معنى الآية، فهل تصح الصلاة وراءه؟
يوجد عندنا في المسجد بدع منكرة بعد الصلاة مثل ترديد " يا لطيف " ١٠٠ مرة، بصفة جماعية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من كان إماماً أو مأموماً يخطئ في قراءة الفاتحة بما يغيِّر معنى الآيات: فصلاته باطلة؛ لأن الفاتحة ركن من أركان الصلاة، ويجب عليه أن يصحح قراءته، وأن يتعلم قراءة الفاتحة على الصواب؛ إلا أن يعجز عن تعلم ذلك، بعد اجتهاده فيه، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها. لكنه إن كان إماماً فلا يصلي وراءه إلا من كان مثله أو دونه في إقامة الفاتحة.
قال النووي رحمه الله: " وتكره إمامة من يلحن في القراءة؛ ثم ينظر: إن كان لحنا لا يغير المعنى، كرفع الهاء من الحمد لله، صحت صلاته وصلاة من اقتدى به، وإن كان يغير، كضم تاء أنعمت عليهم أو كسرها، تبطله، كقوله الصراط المستقين؛ فإن كان يطاوعه لسانه ويمكنه التعلم لزمه ذلك، فإن قصر وضاق الوقت صلى وقضى، ولا يجوز الاقتداء به.
وإن لم يطاوعه لسانه، أو لم يمض ما يمكن التعلم فيه، فإن كان في الفاتحة فصلاة مثله خلفه صحيحة، وصلاة صحيح اللسان خلفه صلاة قارئ خلف أمي [يعني أنها لا تصح] ، وإن كان في غير الفاتحة صحت صلاته وصلاة من خلفه " انتهى من روضة الطالبين (١/٣٥٠)
وقال ابن قدامة رحمه الله: " (وإن) (أم أمي أميا وقارئا) (أعاد القارئ وحده) . الأمي من لا يحسن الفاتحة أو بعضها , أو يخل بحرف منها , وإن كان يحسن غيرها , فلا يجوز لمن يحسنها أن يأتم به , ويصح لمثله أن يأتم به.. "
ثم قال: " ومن ترك حرفا من حروف الفاتحة ; لعجزه عنه , أو أبدله بغيره , كالألثغ الذي يجعل الراء غينا , والأرت الذي يدغم حرفا في حرف , أو يلحن لحنا يحيل المعنى , كالذي يكسر الكاف من إياك , أو يضم التاء من أنعمت , ولا يقدر على إصلاحه , فهو كالأمي , لا يصح أن يأتم به قارئ. ويجوز لكل واحد منهم أن يؤم مثله ; لأنهما أميان , فجاز لأحدهما الائتمام بالآخر , كاللذين لا يحسنان شيئا. وإن كان يقدر على إصلاح شيء من ذلك فلم يفعل , لم تصح صلاته , ولا صلاة من يأتم به. "
وقال أيضا: " تكره إمامة اللحان , الذي لا يحيل المعنى , نص عليه أحمد. وتصح صلاته بمن لا يلحن ; لأنه أتى بفرض القراءة , فإن أحال المعنى في غير الفاتحة , لم يمنع صحة الصلاة , ولا الائتمام به , إلا أن يتعمده , فتبطل صلاتهما ...
وأما إن كان لا يغيِّر بخطئه معنى الآيات: فيجوز الصلاة وراءه مع وجوب تعلمه للقراءة، وأما إن كان خطؤه في غير الفاتحة: فهو منقص من الصلاة وليس مبطلا لها، والصلاة خلف المتقن للقراءة أولى منه ولا شك، ولا يجوز لولاة الأمر تولية مثل هؤلاء الجهلة الصلاة بالناس، وإلا كانوا شركاء معهم بالإثم." انظر: المغني (٣/٢٩-٣٢ ط هجر) .
وقال علماء اللجنة الدائمة:
... أما إذا كان يخطئ: فإن كان خطؤه لحناً لا يغيِّر المعنى: فالصلاة وراء من لا يلحن أولى إذا تيسر، وإن كان لحنه في الفاتحة يغيِّر المعنى: فالصلاة وراءه باطلة، وذلك من أجل لحنه لا لعماه؛ كقراءة (إيَّاكَ نَعْبُدُ) بكسر الكاف، أو (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم) بضم التاء أو كسرها، وإن كان يخطئ لضعف حفظه: كان غيره ممن هو أحفظ أولى بالإمامة منه.
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (٢ / ٥٢٧) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:
إمام يلحن في القرآن، وأحياناً يزيد وينقص في أحرف الآيات القرآنية، ما حكم الصلاة خلفه؟ .
فأجاب:
إذا كان لحنه لا يحيل المعنى: فلا حرج في الصلاة خلفه مثل نصب (رَبِّ) أو رفعها في (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الفاتحة/٢، وهكذا نصب (الرَّحمنِ) أو رفعه، ونحو ذلك، أما إذا كان يحيل المعنى: فلا يصلى خلفه إذا لم ينتفع بالتعليم والفتح عليه، مثل أن يقرأ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) بكسر الكاف، ومثل أن يقرأ (أَنْعَمْتَ) بكسر التاء أو ضمها، فإن قبِل التعليم وأصلح قراءته بالفتح عليه: صحت صلاته وقراءته، والمشروع في جميع الأحوال للمسلم أن يعلم أخاه في الصلاة وخارجها؛ لأن المسلم أخو المسلم يرشده إذا غلط ويعلمه إذا جهل ويفتح عليه إذا ارتج عليه القرآن.
" مجموع فتاوى ابن باز " (١٢ / ٩٨، ٩٩) .
ثانيا:
أما بخصوص ترديد " يا لطيف " مائة مرة: فلا يشك أنها بدعة لو قالها المسلم وحده؛ لأنها جملة غير مفيدة، فهو نداء لله تعالى لكن ماذا بعدُ؟ هل هو يطلب من ربه شيئاً؟ هل يريد الثناء عليه بعدها؟ لا شيء من ذلك، وإذا ذُكرت جماعة كانت بدعة أخرى.
وانظر كلام العلماء في هذا في جوابي السؤالين: (٢٢٤٥٧) و (٢٦٨٦٧) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب