الاحتلام في نهار رمضان، ومعنى حديث: (الحلم من الشيطان)
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد أيام رمضان، نمت بعد الفجر فاحتلمت وخرج المني. وسؤالي هو: هل يُقبل صوم ذلك اليوم إذا أكملته، مع أنه لم يكن باستطاعتي أن أتحكم فيما حدث، إن أنا أكملت يومي صائما؟
السؤال الثاني: هذه الأنواع من الأحلام هي من إبليس، لكنه يُغل أثناء رمضان، (فكيف احتلمت) ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الاحتلام في نهار رمضان لا يبطل الصوم؛ لأنه أمر خارج عن قدرة الإنسان وطاقته، ولا يستطيع أن يمنعه، والله عز وجل يقول: (لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها) . َ: " لَوْ احْتَلَمَ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ , لِأَنَّهُ عَنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ , فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ حَلْقَهُ شَيْءٌ وَهُوَ نَائِمٌ."
انظر: " المغني " لابن قدامة ج/٣ ص/٢٢.
سئلت اللجنة الدائمة عن رجل احتلم في نهار رمضان فما هو الحكم؟ فأجابت:
من احتلم وهو صائم أو محرم بالحج والعمرة فليس عليه إثم ولا كفارة، ولا يؤثر على صيامه، وعليه غسل الجنابة إذا كان قد أنزل منيّاً.
فتاوى اللجنة الدائمة ج/١٠ ص/٢٧٤
والاحتلام هو: " رُؤْيَا الْمُبَاشَرَةَ فِي الْمَنَامِ "
وهو من الأشياء التي فطر الله الناس عليها من الرجال والنساء، ولذلك جاء عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ) رواه البخاري (الغسل/٣٧٣) ومسلم (الحيض / ٤٧١) .
والمراد بالاحتلام هو ما يراه النائم من تصوّر الجماع.
الحديث الذي رواه البخاري عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (الرُّؤْيَا مِنْ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ الْحُلُمَ يَكْرَهُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ فَلَنْ يَضُرَّهُ) (التعبير/٦٤٨٨) ومسلم (الرؤيا / ٤١٩٦) فليس المقصود أن الشيطان هو الذي دفع أو تسبب في ذلك.
وكون مردة الجن تُغَلَّ في رمضان لا بعني توقف الشياطين عن الوسوسة والأمر بالشر، ولكن ذلك يكون في رمضان أقل منه في بقية الشهور، وآثار هذا محسوسة ومشاهدة.
قال ابن حجر: وَإِضَافَة الْحُلُم إِلَى الشَّيْطَان بِمَعْنَى أَنَّهَا تُنَاسِب صِفَته مِنْ الْكَذِب وَالتَّهْوِيل وَغَيْر ذَلِكَ , بِخِلَافِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَة فَأُضِيفَتْ إِلَى اللَّه إِضَافَة تَشْرِيف وَإِنْ كَانَ الْكُلّ بِخَلْقِ اللَّه وَتَقْدِيره.. أهـ
" فتح الباري " (١٢ / ٣٩٣) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد