متى تكون تكبيرات الانتقال في الصلاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يصلي الإمام , فمتى يكبر مثلا للركوع هل يكبر قبل أن يركع أم أثناء الركوع أم بعد الركوع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المشروع لكل مصلٍّ (الإمام والمأموم والمنفرد) أن يكون تكبيره للركوع مقارنا لحركته، فيبدأ التكبير حال انحنائه، ويختمه قبل أن يصل إلى حد الركوع؛ فيقع تكبيره بين الركنين، القيام والركوع.
وقد دلت السنة على أن التكبير يقارن الحركة المقصودة من ركوع، وسجود، وقيام منه، كما في الصحيحين عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْد، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلاةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ) رواه البخاري (٧٨٩) ومسلم (٣٩٢) .
فهذا الحديث ظاهرٌ في أن التكبير للركوع يكون أثناء انحنائه إلى الركوع، وتكبير السجود أثناء نزوله إلى السجود، وتكبير الرفع من السجود أثناء رفعه...... وهكذا، ذكره النووي في "شرح مسلم"، وذكر أنه مذهب جمهور العلماء.
ومن الفقهاء من شدد في ذلك، ورأى أنه لو بدأ المصلي التكبير وهو قائم قبل أن ينحني، أو أكمله بعد وصوله إلى الركوع أن ذلك لا يجزئه، ويكون تاركا للتكبير؛ لأنه أتى به في غير موضعه، وعلى القول بوجوب التكبير: تبطل صلاته إن تعمد ذلك، وإن فعله سهوا لزمه السجود للسهو، والصحيح أنه يعفى عن ذلك دفعاً للمشقة.
قال المرداوي في "الإنصاف" (٢/٥٩) : " قال المجد وغيره: ينبغي أن يكون تكبير الخفض والرفع والنهوض ابتداؤه مع ابتداء الانتقال , وانتهاؤه مع انتهائه. فإن كمّله في جزء منه أجزأه [أي إذا أوقعه بين الركنين دون أن يبسطه ويمده] ; لأنه لا يخرج به عن محله بلا نزاع.
وإن شرع فيه قبله , أو كمّله بعده , فوقع بعضه خارجا عنه , فهو كتركه ; لأنه لم يكمله في محله، فأشبه من تمم قراءته راكعا , أو أخذ في التشهد قبل قعوده.
ويحتمل أن يعفى عن ذلك ; لأن التحرز منه يعسر , والسهو به يكثر , ففي الإبطال به أو السجود له مشقة. " انتهى باختصار.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " قال الفقهاء رحمهم الله: لو بدأ بالتكبير قبل أن يهوي، أو أتمه بعد أن يصل إلى الركوع؛ فإنه لا يجزئه. لأنهم يقولون: إن هذا تكبير في الانتقال فمحله ما بين الركنين، فإن أدخله في الركن الأول لم يصح، وإن أدخله في الركن الثاني لم يصح؛ لأنه مكان لا يشرع فيه هذا الذكر، فالقيام لا يشرع فيه التكبير، والركوع لا يشرع فيه التكبير، إنما التكبير بين القيام والركوع.
ولا شك أن هذا القول له وجهة من النظر؛ لأن التكبير علامة على الانتقال؛ فينبغي أن يكون في حال الانتقال.
ولكن القول بأنه إن كمله بعد وصول الركوع، أو بدأ به قبل الانحناء يبطل الصلاة فيه مشقة على الناس، لأنك لو تأملت أحوال الناس اليوم لوجدت كثيرا من الناس لا يعملون بهذا، فمنهم من يكبر قبل أن يتحرك بالهوي، ومنهم من يصل إلى الركوع قبل أن يكمل.
والغريب أن بعض الأئمة الجهال اجتهد اجتهادا خاطئا وقال: لا أكبر حتى أصل إلى الركوع، قال: لأنني لو كبرت قبل أن أصل إلى الركوع لسابقني المأمومون، فيهوون قبل أن أصل إلى الركوع، وربما وصلوا إلى الركوع قبل أن أصل إليه، وهذا من غرائب الاجتهاد؛ أن تفسد عبادتك على قول بعض العلماء؛ لتصحيح عبادة غيرك؛ الذي ليس مأمورا بأن يسابقك، بل أمر بمتابعتك.
ولهذا نقول: هذا اجتهاد في غير محله، ونسمي المجتهد هذا الاجتهاد: "جاهلا جهلا مركبا"؛ لأنه جهل، وجهل أنه جاهل.
إذا؛ نقول: كبر من حين أن تهوي، واحرص على أن ينتهي قبل أن تصل إلى الركوع، ولكن لو وصلت إلى الركوع قبل أن تنتهي فلا حرج عليك.
فالصواب: أنه إذا ابتدأ التكبير قبل الهوي إلى الركوع، وأتمه بعده فلا حرج، ولو ابتدأه حين الهوي، وأتمه بعد وصوله إلى الركوع فلا حرج، لكن الأفضل أن يكون فيما بين الركنين بحسب الإمكان. وهكذا يقال في: "سمع الله لمن حمده " وجميع تكبيرات الانتقال. أما لو لم يبتدئ إلا بعد الوصول إلى الركن الذي يليه، فإنه لا يعتد به " انتهى من "الشرح الممتع".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب