للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعمل في سكن الطالبات المغتربات

[السُّؤَالُ]

ـ[أختي تعمل في سكن طالبات، وتبيت خارج المنزل يومين في الأسبوع، والطالبات التي في هذا السكن كلهن مغتربات، منهن من يوجد لهن إخوة يدرسون في نفس الجامعة لكنهم يعيشون في سكن آخر، والكثير منهن لا يوجد لهن إخوة أو محرم، أو قد يكون لهن بعض الأقارب، لكن يعيشون بعيدا عنهم، وأنا أعلم أنه لا يجوز للفتاة أن تسافر وتغترب لتتعلم ما يمكن أن تتعلمه في بلادها، وللأسف أغلب هذه الفتيات أخلاقهن غير سوية، فما حكم عمل أختي في هذه الدار، هل حلال أم حرام؟ كذلك حكم مبيتها خارج منزلها، خاصة وأنا أعرف الحديث الشريف: (لعن الله المرأة التي تضع ثوبها في غير بيت زوجها) ؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

لا حرج في عمل أختك في سكن الطالبات، خاصة إذا كان في مدينتكم، فإن كان في مدينة أخرى فلا يجوز لها أن تسافر ذهابا أو إيابا إلا مع ذي محرم، ويجوز لها أن تجلس في ذلك السكن بدون المحرم، لأن الواجب أن يصطحبها المحرم في طريق السفر فقط، وكذلك هو الحكم بالنسبة للطالبات اللاتي يعشن فيه أيضا، ولا تطالب أختك بالتفتيش عن كل طالبة هل جاءت مع محرمها أو سافرت بدونه، بل يكفي أن يكون عملها في السكن مما لا محذور فيه، كالإدارة أو الرقابة أو النظافة أو غير ذلك، فكله جائز لا حرج فيه إن شاء الله تعالى.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله في فتاوى "نور على الدرب" (شريط رقم/٢٨٨) :

" هذا الذي فعلتِ لا بأس به، إقامة المرأة في بلد من دون محرم لا ضرر فيه، ولا حرج فيه، ولا سيما إذا كان ذلك لا خطر فيه، إذا كانت بين النساء، أو في عمل مفصول عن الرجال مما أباح الله، أو في قسم داخلي بين النساء، فكل هذا لا حرج فيه، الممنوع السفر، لا تسافري إلا بمحرم، ولا تقدمي إلا بمحرم، وأما إقامتك بين النساء في عمل مباح فلا حرج فيه، والحمد لله " انتهى.

وانظري جواب السؤال رقم (٤٥٩١٧) .

ثانيا:

أما الحديث المذكور في آخر السؤال، حديث عائشة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَا مِنِ امرَأَةٍ تَخلَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيرِ بَيتِهَا إِلَاّ هَتَكَت مَا بَينَهَا وَبَينَ اللَّهِ تَعَالَى) رواه أبو داود (٤٠١٠) وصححه الألباني.

قال المناوي في "فيض القدير" (٣/١٣٦) في شرح هذا الحديث:

" كناية عن تكشفها للأجانب وعدم تسترها منهم " انتهى.

فالمقصود بهذا الحديث المرأة التي تخلع ثيابها بحضرة الرجال الأجانب، أو في مكان يخشى فيه من اطلاع الأجانب عليها: كالأمكنة العامة أو التي يرتادها الفسقة ونحو ذلك، أما إذا كانت في مأمن: كما لو كانت في منزل محارمها أو والديها، أو في نُزُلٍ تقيم فيه هي وزوجها في السفر، أو حاجة علاج أو اغتسال شرعي ونحو ذلك فلا حرج عليها، وليس في الحديث أي منع منه.

وقد سبق تقرير ذلك في جواب السؤال رقم (٣٤٧٥٠) .

ثالثا:

والمسلم الصادق يحمل دعوته معه في كل مكان، فإذا كان وضع سكن الطالبات على ما وصفت من البعد عن الاستقامة، فلتحرص أختك على نشر الخير فيه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولتسع في الإصلاح بقدر ما تستطيع، وبهذا تبرأ ذمتها أمام الله تعالى.

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال التالي "مجموع الفتاوى" (٧/٢٧٤) :

إنني فتاة أسكن في السكن الداخلي مع الطالبات، وقد هداني الله إلى الحق، وأصبحت متمسكة به ولله الحمد، لكنني متضايقة جدا مما أرى حولي من بعض المعاصي والمنكرات، خصوصا من بعض زميلاتي الطالبات: كسماع الأغاني، والغيبة والنميمة، وقد نصحتهن كثيرا ولكن بعضهن يهزأ بي ويسخر مني ويقلن: إنني معقدة. ماذا أعمل جزاكم الله خيرا؟

فأجاب رحمه الله:

" الواجب عليك إنكار المنكر حسب الطاقة بالكلام الطيب والرفق وحسن الأسلوب، مع ذكر الآيات والأحاديث الواردة في ذلك حسب علمك، ولا تشاركيهن في الأغاني ولا في الغيبة ولا في غيرها من الأقوال والأفعال المحرمة، واعتزليهن حسب الإمكان حتى يخضن في حديث آخر لقول الله سبحانه: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) الآية. ومتى أنكرت بلسانك حسب الطاقة واعتزلت عملهن لم يضرك فعلهن ولا عيبهن لك، كما قال الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فأبان سبحانه أن المؤمن لا يضره من ضل إذا لزم الحق واستقام على الهدى، وذلك بإنكار المنكر، والثبات على الحق، وحسن الدعوة إليه، وسيجعل الله لك فرجا ومخرجا، وسينفعهن الله بإرشادك إذا صبرت واحتسبت إن شاء الله، وأبشري بالخير العظيم والعاقبة الحميدة ما دمت ثابتة على الحق منكرة لما خالفه كما قال الله سبحانه: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) وقال عز وجل: (فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) وقال سبحانه: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)

وفقك الله لما يرضيه، ومنحك الصبر والثبات، ووفق أخواتك وأهلك وزميلاتك لما يحبه ويرضاه إنه سميع قريب، وهو الهادي إلى سواء السبيل " انتهى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>