للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم إدخال القتوات الفضائية

[السُّؤَالُ]

ـ[حصل خلاف بيني وبين زوجتي على إدخال الدش إلى البيت، لأنها تريد أن ترى القنوات، وأنا أخشى أن يكون هذا هذا محرما، فما رأيكم؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الذي يسمع أو يقرأ أو يرى! ما يعرض في تلك القنوات لا يتردد في تحريم إدخال هذا الجهاز إلى البيت، لما يشتمل عليه من مخاطر عظيمة على الدين والخلق، لا سيما مع وجود أولاد في البيت، وقلة الوازع الديني، وتقوى الله.

ويمكن الاستعاضة عن ذلك بإدخال القنوات الإسلامية، كالمجد، أما القنوات الخليعة، فأمرها واضح لا خفاء فيه.

وقد حذر الشيخ ابن عثيمن رحمه الله من إدخال هذا الجهاز إلى البيت في إحدى خطبه فقال:

"وقد تحدثنا عن الدش قبل جمعتين وبينا خطره على الإنسان في حياته وبعد موته، واستغرب كثير من الناس كيف يكون الوعيد بهذه الشدة، ولكن نحن هنا نسأل أسئلة يعرف بها الحكم من الإجابة عليها، فنسأل عن قول النبي صلي الله عليه وسلم: (ما من عبد يسترعيه الله على رعية فيموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) أهذا الحديث صحيح؟ نعم، هو صحيح، ثبت في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما.

ثانياً: هل الإنسان راع على أهله أو لا؟ الجواب: نعم، إنه راع على أهله، لتنصيب النبي صلى الله عليه وسلم له حيث قال: (الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) وكما يفيد ذلك قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) .

السؤال الثالث: هل من يضع عند أهله دشاً وهو يرى ما فيه من المنكرات العظيمة المخالفة للأخلاق القويمة، هل هو غاش لهم أو ناصح لهم؟

إني أعتقد أن جوابنا جميعا هو أنه غاش لهم بلا شك، لأن هذا ينافي قول الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا) لأن مثل هذه الأمور التي تشاهد مما نسمع عنها سبب لانحلال الأخلاق، وإذا انحلت الأخلاق انحل الدين والعقيدة، لأن الأمم الأخلاق ما بقيت، وإذا كان كذلك فإنه إذا مات وفي بيته هذا الدش صار غاشاً لرعيته الذين استرعاهم الله عليه بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذن فلا مخرج إلا بأن يزيل الإنسان هذا الدش من بيته إزالة كاملة، وقد بينا في الخطبة السابقة أنه لا يحل له بيعه، لأنه إذا باعه فسوف يُستعمل في معصية الله، فيكون ذلك من باب الإعانة على معصية الله، وحينئذ ليس شيء أبرأ للذمة ولا أحسن للعبد من أن يكسره، ويخلف الله عليه، ألم تروا أن نبي الله تعالى سليمان عليه الصلاة والسلام (عرضت عليه بالعشي الصافنات الجياد) أي الخيل الجياد فلهى بها عن ذكر الله عز وجل حتى غابت الشمس، ثم دعا بها، فجعل يضرب أعناقها وسوقها، وذلك لأنها ألهته عن ذكر الله، فأتلفها خوفا من أن تلهيه مرة أخرى، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أهدي إليه خميصة - يعني كساء جيدا - فلبسه، وفي أثناء صلاته نظر إليه نظرة واحدة، فلما سلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وآتوني بأنبجانيته) لأنه هو الذي أهدى الخميصة، فلم يُرِد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكسر قلبه، وقال عليه الصلاة والسلام معللا ذلك: (إنها ألهتني آنفا عن صلاتي) فدل هذا على أن الإنسان إذا رأى شيئا من ماله يلهيه عن ذكر الله، أو يوقعه في معصية الله، فلا أسلم له من أن يبعده عنه، بأن يبعده عن ملكه إبعادا تاما.

أعود مرة أخرى فأقول: إن بعض الناس فهم من كلامي السابق حول الدشوش أن من مات وفي بيته دش فإنه يكون من أصحاب النار، ولكن هذا فهم خاطئ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال: (حرم الله عليه الجنة) وهذا من نصوص الوعيد التي تحمل على ما جاء في الكتاب والسنة من أن الإنسان إذا عمل معصية، فإن كان في قلبه إيمان فإنه لا يخلد في النار، لقول الله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ولقد أعجبني بعض الناس الذين سمعوا خطبتنا السابقة أنه وفقه الله وجزاه خيرا قام بتكسير الدش الذي عنده حتى أتلفه نهائيا، وهذا سوف يجد لذة ذلك في قلبه، لأنه من كمال الإيمان، ولما جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يدها سواران غليظان من ذهب قال: (أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا. قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار؟ فخلعتهما وألقتهما إلى النبي صلي الله عليه وسلم، وقالت: هما لله ورسوله) ولما رأى النبي صلي الله عليه وسلم رجلا وفي يده خاتما من ذهب قال: (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده أو قال في إصبعه، ثم أخذ النبي صلي الله عليه وسلم الخاتم فطرحه فرمى به) ثم قيل للرجل بعد أن انصرف النبي صلي الله عليه وسلم: خذ خاتمك انتفع به. قال: والله لا آخذ خاتما طرحه النبي صلى الله عليه وسلم، فتأملوا أيها الإخوة حال الصحابة رضي الله عنهم وكيف مسارعتهم إلى التخلي عما نهى الله عنه ورسوله؟ ولهذا كانوا أكمل الأمة إيمانا، وكانوا خير القرون، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) وإنني أكرر، أكرر وأقول إنه يُخشى على الإنسان الذي يجلب هذه الآلة التي تهدم الأخلاق وتوجب ما لا ينبغي أن يكون من المسلم، أقول: إنه من كمال عقله أن يكسرها حتى يسلم بيته من هذه الأمور المحرمة، وحتى يموت إن شاء الله وهو ناصح لأهله، وفقني الله وإياكم لأداء الأمانة، اللهم وفقنا لأداء الأمانة، والقيام بما تحب وترضى يا رب العالمين، اللهم أصلحنا وأصلح لنا، وأصلح بنا يا رب العالمين " انتهى من موقع الشيخ:

http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_١٣٩.shtml

وهذا الكلام كافٍ إن شاء الله تعالى، لبيان حكم هذا الجهاز وخطورته.

نسأل الله أن يقي المسلمين الفتن، ما ظهر منها وما بطن.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>