الضرب الثالث: ما كان من بلاد الإسلام التي غلب عليها المشركون حتى صارت دار شرك كبلاد الأندلس، فإذا التقط المنبوذ فيها نظر فإن كان فيها أحد من المسلمين ولو واحدًا جرى على الملقوط فيها حكم الإسلام.
وإن لم يكن فيها أحد من المسلمين أجري عليه حكم الشرك في الظاهر لبعد المسلمين عنها وامتناع حكمهم فيها.
وإذا كانت البقعة أصحاب ملل مختلفة، فالقياس أن يجعل من أصونهم دينا.
ولا أثر لعابري السبيل من المسلمين، ولا للمحبوسين في المطامير (١).
هذا ملخص مذهب الشافعية، ومذهب الحنابلة قريب منه.
قال ابن قدامة: «ولا يخلو اللقيط من أن يوجد في دار الإسلام، أو في دار الكفر، فأما دار الإسلام فضربان؛
أحدهما: دار اختطها المسلمون، كبغداد والبصرة والكوفة، فلقيط هذه محكوم بإسلامه، وإن كان فيها أهل الذمة تغليبًا للإسلام ولظاهر الدار. ولأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه.
الثاني: دار فتحها المسلمون، كمدائن الشام، فهذه إن كان فيها مسلم واحد حكم بإسلام لقيطها؛ لأنه يحتمل أن يكون لذلك المسلم، تغليبا للإسلام. وإن لم يكن فيها مسلم، بل كل أهلها ذمة حكم بكفره؛ لأن تغليب حكم الإسلام إنما يكون مع الاحتمال.