طلب الخروج من الخلاف، فإن كان هذا هو دليلهم فهو دليل ضعيف؛ لأن الكراهة دليل شرعي يقوم على دليل شرعي، والخروج من الخلاف ليس من أدلة الشرع، لا المتفق عليها، ولا المختلف فيها، والخروج من الخلاف عند من يقول به في بعض المسائل، لا يؤدي إلى إحداث قول قائم برأسه، وإنما يكون الخروج من الخلاف في مسألة يكون الخلاف قويًا، ويمكن الجمع بين القولين احتياطًا، كما لو اختلف الناس في وجوب شيء واستحبابه، فإن فعله يكون خروجًا من الخلاف، أما إذا كان فعله يدور بين الصحة والبطلان لا تكون الكراهة خروجًا من القول بالبطلان، والله أعلم.
° دليل من قال: يصح وقف النقود:
[الدليل الأول]
الوقف من عقود التبرع، ويراد للإرفاق والإحسان، والأصل فيه الجواز، والصحة، سواء تبرع المالك بالمال أصلًا وعينًا، كالصدقات، والهبات، أو تبرع بمنفعة المال، وحبس أصله كالوقف، ولا يمنع منه شيء إلا لدليل من الشرع، أو معنى يقتضي المنع، ولا دليل من الشرع يمنع من صحة وقف النقود، وسائر المنقولات، ولا يوجد معنى يقتضي المنع حتى يقال به، فكان القول بالصحة هو مقتضى القواعد.
[الدليل الثاني]
الأدلة العامة الدالة على مشروعية الوقف، فإن هذه النصوص تشمل النقود، كما تشمل غيرها من سائر الأموال الثابتة، والمنقولة، ولا يوجد دليل من كتاب، ولا سنة يخصص هذه النصوص، أو يقيدها بالثابت دون المنقول، ولا