للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الأول

في إجارة دور مكة المكرمة

من المعلوم أن مكة شرفها الله فتحت عنوة. قال في التاج والإكليل: «لا خلاف أن مكة افتتحت عنوة، وأنها لم تقسم» (١).

وإذا فتح المسلمون بلادًا كان الإمام مخيرًا بين أن يقسمها بين الغانمين كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فتح خيبر، وإما أن يوقفها على المسلمين ويضرب عليها خراجًا مستمرًا، كما فعل عمر رضي الله عنه حين فتح أرض الشام، ومصر، والعراق، وكان الذي حمل عمر رضي الله عنه على وقفها أن ينتفع منها أجيال المسلمين.

(ث-١٠٣) فقد روى البخاري في صحيحه، قال عمر: لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهلها كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر.

وتختلف مكة وأرض الحرم بأنها أماكن عبادة، قال تعالى: {الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥]

[م-٨٩٧] وقد اختلف العلماء في إجارة دور مكة كما اختلفوا في بيعها على أقوال:

[القول الأول]

يجوز بيع أراضيها، وإجارتها، بلا كراهة، وهو قول أبي يوسف ومحمد ابن الحسن، وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة (٢)، قال ابن رشد: وهو أشهر


(١) التاج والإكليل (٤/ ٥٦٨).
(٢) شرح معاني الآثار (٤/ ٤٩)، وجاء في حاشية ابن عابدين (٦/ ٣٩٢ - ٣٩٣): «وجاز بيع بيوت مكة أي اتفاقًا؛ لأنه ملك لمن بناه ... قوله: وأرضها، جزم به في الكنز، وهو قولهما، وإحدى الروايتين عن الإمام ... »، وانظر البحر الرائق (٨/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>