للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحته ..... وأيضًا هو مثل تلقي الجلب، وبيع الحاضر للباد، والبيع في الأرض المغصوبة ونحوها، كونه منهيًا عنه لا يمنع وقوعه» (١).

ولو قال شيخنا رحمه الله: إن النهي عن البيع بعد نداء الجمعة لحق الله، والنهي عن تلقي الجلب لحق الآدمي لكان فرقًا صحيحًا، لكنه فرق غير مؤثر في الحكم فيما أرى، وإن كان الباجي المالكي يراه مؤثرًا، قال في المنتقى: «النهي عن البيع إذا كان لحق الله اقتضى فساده، كالبيع وقت صلاة الجمعة» (٢).

أما أن يقال: بأن النهي عنه عائد لذات البيع فلم يتضح لي، والله أعلم بالصواب.

[الدليل الثاني]

أن الشارع لم يأذن بالبيع بعد نداء الجمعة، فوجوده كعدمه.

(ح-٣٥٢) وقد روى مسلم من طريق سعد بن إبراهيم، عن القاسم بن محمد، قال:

أخبرتني عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد (٣).

أن معنى: رد: أي مردود على صاحبه، والمردود: هو الباطل.

[الراجح من الخلاف]

بعد استعراض الأدلة أجد أن القول بصحة العقد أقوى من حيث الدليل، ونحن نقول للناس لا تفعلوا، ونشدد عليهم في ذلك، فإن خالف أحد وفعل فلن ترتفع المفسدة بإبطال العقد، فالمفسدة: التي هي الانشغال عن سماع الخطبة


(١) أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٦٧٠)، وانظر المجموع (١١/ ٣٠٨).
(٢) المنتقى للباجي (٢/ ١٨١).
(٣) صحيح مسلم (١٧١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>