وإن كان الباقي من الذهب المفرد مساويًا في القيمة للخرز الذي في القلادة فإن القول بالجواز متجه، مثله تمامًا لو باع صاعين من التمر بصاع ودرهم، والصاع الزائد يساوي فعلًا درهمًا، فهذا ليس فيه حيلة على الربا، والحاجة قد تدعو إلى ذلك.
[الدليل الثاني]
(ح-٧٨٨) ما رواه مسلم من طريق أبي المتوكل الناجي.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، يدًا بيد، من زاد أو استزاد، فقد أربى، الآخذ والمعطي سواء (١).
[وجه الاستدلال]
أن الصفقة إذا اشتملت على شيئين مختلفي القيمة يقسط الثمن على قيمتهما، وهذا يؤدي في مسألة (مد عجوة) إما إلى يقين التفاضل، وإما إلى الجهل بالتساوي، وكلاهما مبطل للعقد في أموال الربا.
[وبيان ذلك]
أنه إذا باع درهمًا ومدًا (يساوي درهمين) بمدين يساويان ثلاثة دراهم، فإن الدرهم يكون في مقابلة ثلثي مد، والمد الذي مع الدرهم في مقابلة مد وثلث، وهذا تفاضل متيقن.
وأما إن فرض التساوي كمد ودرهم بمد ودرهم، والمد في كل من العوضين يساوي درهمًا، فإن التقويم ظن وتخمين لا تتيقن معه المساواة، والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل في باب الربا.