أن الرسول وضع الربا الذي كان معقوداً في الجاهلية قبل تقرر الأحكام في الإسلام، فما بالك بربا حصل بعد تقرر الأحكام في الإسلام؟
[الدليل الرابع]
القول بأن المساهم في الشركة إذا أخرج نسبة معينة تبرأ ذمته، و يتخلص من الإثم قول فيه نظر، وذلك أن العقود المحرمة، ومنها الربا، لا يجوز إقرارها، ولا الموافقة عليها، ولا الإسهام فيها، والمساهم حين يساهم في الشركات المختلطة يكون قد قام بكل ذلك، فهو يمارس الربا، ويقبله، ويوافق عليه، ويسهم فيه، وذلك بتفويض من يقوم عنه بذلك، فالمساهم شريك في هذه الشركات المحرمة، ليس شريكاً في المال فحسب، بل شريكاً في العمل أيضاً، وكونه لا يباشر العمل ليس معناه عدم مشاركته فيه، فإن مباشرة جميع الشركاء أعمال الشركة أمر غير متصور، لكنه حاصل من خلال تفويضهم من يقوم بالعمل عنهم، ويعمل لحسابهم.
ولا يكفي في حله القول بإخراج قدر المحرم من السهم، فإن المساهم في الشركة المشبوهة قد أسهم في أعمالها وكسبها المحرم، سواء تصدق بما نجم عن ذلك الكسب المحرم أو لم يتصدق، والإسهام في الحرام مجمع على تحريمه، فالتخلص من الحرام لا يبرر الإقدام عليه، وتكراره، وإعانة الآخرين بالمال والعمل على إتمامه، خاصة إذا كان هذا العمل من الموبقات، ومن الظلم والفساد في الأرض (١).
وأي فائدة يكسبها هذا المسلم إذا تعود على كسب الخبيث، وأعان عليه،
(١) انظر الربا في المعاملات المالية المعاصرة (١/ ٧٥١).