قالوا: إن استثناء المعلوم من المجهول، كاستثناء المجهول من المعلوم، مثال ذلك: إذا استثنى صاعًا من مبيع مجهول قدره كالصبرة لا يعلم قدرها، حكمه كما لو استثنى مجهولًا من معلوم، كما لو قال: بعتك مائة صاع إلا بعضها، فالإبهام يعمهما.
أو بعبارة أخرى: أن المبيع، والحالة هذه إنما علم بالمشاهدة، وبعد إخراج المستثنى تختل المشاهدة، فقد يدخل الندم على المشتري بعد إخراج المستثنى من البيع.
وقال في قواعد الأحكام في مصالح الأنام:
«لو باع صبرة مجهولة الصيعان، واستثنى منها صاعًا، فهل يصح هذا البيع؟ قلنا: لا يصح؛ لأن المبيع غير مقدر بالكيل ولا بتخمين العيان، فإن العيان لا يخمن المقادير إلا بعد الانفصال، فلما تعذر التقدير الحقيقي، والتخميني في هذه الصفقة حكم ببطلانها؛ لأن الجهل بتقديرها وتخمينها غرر لا تمس الحاجة إليه»(١).
[دليل من قال: يصح البيع]
إنما نهى الشارع عن الثنيا إذا كانت غير معلومة، أما استثناء الصاع من الصبرة فلا يدخل في النهي، إذ الثنيا، والحال هذه معلومة، وإذا كانت الصبرة يجوز بيعها جزافًا مع الجهل بمقدارها، فالباقي بعد إخراج الصاع بمثابة الجزاف.