السلم في حقيقته العرفية التي هي أحد أنواع البيع، ورأى أنه إنما يستعمل لفظ السلف، أو التسليف صونًا منه للفظ السلم عن التبذل في الأمور الدنيوية، ورأى أنه قريب من لفظ الإسلام، ثم قال: والصحيح جوازه، لاسيما وغالب استعمال الفقهاء إنما هو صيغة الفعل مقرونة بحرف في فيقول: أسلم في كذا، فإذا أرادوا الاسم أتوا بلفظة السلم، وقَلَّ ما يستعملون لفظة الإسلام في هذا الباب» (١).
قلت وفي التنزيل:{وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ}[النحل:٨٧].
وقال سبحانه:{وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ}[النساء:٩٠].
والمراد من هذه النصوص الإشارة إلى أن الاحتجاج بأن السلم لا ينعقد إلا بهذا اللفظ لاعتقاد أن هذا هو اللفظ الوارد شرعًا، فيه ما فيه، لا من جهة المعنى، ولا من جهة اللفظ.
حجة بعض أصحاب الشافعية:
أن اللفظ مقدم في العقود على المعنى، فإذا استعمل لفظ البيع بدلًا من لفظ السلم انعقد بيعًا، تقديمًا للفظ على المعنى، ويشترط لصحته تعيين أحد العوضين، ولا يشترط فيه قبض رأس المال في المجلس؛ لأن السلم غير البيع.
[الراجح]
القول بجوازه بكل لفظ يدل على المراد، لأن الشارع لم يحد في ألفاظ العقود حدًا بل ذكرها مطلقة، ولم نتعبد بلفظ معين حتى نقتصر عليه، بل العبرة في العقود بما يدل عليها من أعراف المتعاقدين، والله أعلم.