للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الدليل الثاني]

قياس الوصية على الميراث، لكونهما تمليكًا مضافًا إلى ما بعد الموت، فالوصية والقرابة سببان للتملك، إلا أن أحدهما استخلاف شرعي، والآخر بفعل العبد، فإذا كان الوارث لو قتل مورثه حرم من الميراث باعتبار القتل جناية عظيمة تستدعي الزجر، فكذا الموصى له لو قتل الموصي حرم من الوصية زجرًا له ...

ولأن المعنى في بطلان الوصية للوارث القاتل أن الورثة تتأذى من مشاركة القاتل تركة أبيهم، وهذا المعنى موجود في الوصية للقاتل، ولا فرق في هذا بين أن تتقدم الوصية على الجرح أو تتأخر عنه؛ لأن الوصية إنما تقع تمليكًا بعد الموت، فتقع وصية للقاتل تقدمت الجناية أو تأخرت (١).

[ويناقش]

هناك فرق بين الوصية والميراث، فالميراث الملك فيه قهري، ولا يفتقر إلى قبول بخلاف الوصية، فإن الملك فيها يفتقر إلى قبول، والملك فيها اختياري، والميراث لا يصح مع اختلاف الدين بخلاف الوصية، ويمنع القاتل من الميراث حتى ولو عفى المقتول عن القاتل، ولو عفى الموصي عن الجاني، وأوصى له بعد الجناية صحت عند أكثر الفقهاء؛ وعللوا ذلك بأن الوصية لم يطرأ عليها ما يبطلها، وليس متهمًا باستعجال الوصية، بخلاف ما إذا تقدمت، ولو عفى الوارث عن القاتل لم يرث، ولو أجاز الوارث الوصية للقاتل صحت الوصية عند الحنفية.


(١). انظر بدائع الصنائع (٧/ ٣٣٩)، المبسوط (٢٧/ ١٧٧)، وتقويم النظر في مسائل خلافية ذائعة (٣/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>