للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الطحاوي: «ما يفعله أهل الجهل إلى يومنا هذا من دفع القمح إلى الطحان على أن يطحنه لهم بقفيز من دقيقه الذي يطحنه منه فكان ذلك استئجارًا من المستأجر بما ليس عنده إذ كان دقيق قمحه ليس عنده في الوقت الذي استأجر، وكان في ذلك ما قد دل أن الاستئجار لا يكون بما ليس عند المستأجر يوم يستأجر، كما لا يكون الابتياع بما ليس عند المبتاع يوم يبيع، وبما ليس عند المبتاع يوم يبتاع من الأشياء التي ليست عنده مما ليس معناها معنى الأثمان كالدراهم وكالدنانير، وكما سواها من ذوات الأمثال التي قد تكون دينا في الذمم وبالله التوفيق» (١).

ويقول الزيلعي: «والمعنى فيه: أن المستأجر عاجز عن تسليم الأجر؛ لأنه بعض ما يخرج من عمل الأجير، والقدرة على التسليم شرط لصحة العقد، وهو لا يقدر بنفسه، وإنما يقدر بغيره، فلا يعد قادرًا ففسد، ولأنه جعل الأجر شيئًا لا يمكن تسليمه إلا بعمل الأجير، العمل الذي يجب عليه بحكم العقد، فتكون القدرة التي هي شرط العقد قائمة بحكم العقد، فتصير بمنزلة حكم العقد، والشرط لا يصلح حكمًا، فكذا لا يصلح قائمًا به» (٢).

[الدليل الثالث]

علل الشافعية المنع بما قاله الماوردي في الحاوي، قال: «وإذا استأجر طحانًا ليطحن له عشرة أقفزة بقفيز منها مطحونًا لم يجز؛ لأنه جعل المعقود عليه معقودًا به .... ولكن لو استأجر لطحن تسعة أقفزة بالقفيز العاشر منها جاز؛ لأنه جعل تسعة أعشاره معقودًا عليه، وعشره معقودًا به» (٣).


(١) مشكل الآثار (٢/ ١٨٨)، وانظر بداية المجتهد (٢/ ١٦٩).
(٢) تبيين الحقائق (٥/ ١٣٠).
(٣) الحاوي الكبير (٧/ ٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>