للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ح-٣٥٤) ومنها ما رواه البخاري من طريق الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق.

عن عبد الله بن عمرو، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر (١).

فذم الغدر، وكل من شرط شرطًا، ثم نقضه فقد غدر.

[وجه الاستدلال منها]

أن النصوص السابقة دلت على الأمر بالوفاء بالعهود، والشروط، والمواثيق، والعقود وبأداء الأمانة ورعاية ذلك وعلى النهي عن الغدر، ونقض العهود والخيانة، والتشديد على من يفعل ذلك ولو كان الأصل فيها الحظر والفساد إلا ما أباحه الشرع لم يجز أن يؤمر بها مطلقًا، ويذم من نقضها وغدر مطلقًا. كما أن قتل النفس لما كان الأصل فيه الحظر إلا ما أباحه الشرع، أو أوجبه لم يجز أن يؤمر بقتل النفوس، ويحمل على القدر المباح بخلاف ما كان جنسه واجبًا كالصلاة والزكاة فإنه يؤمر به مطلقًا وإن كان لذلك شروط وموانع، فينهى عن الصلاة بغير طهارة وعن الصدقة بما يضر النفس ونحو ذلك وكذلك الصدق في الحديث مأمور به وإن كان قد يحرم الصدق أحيانا لعارض ويجب السكوت والتعريض وإذا كان حسن الوفاء ورعاية العهد مأمورًا به علم أن الأصل صحة العقود والشروط إذ لا معنى للتصحيح إلا ما ترتب عليه أثره، وحصل به مقصوده ومقصوده: هو الوفاء به وإذا كان الشرع قد أمر بمقصود العهود دل على أن الأصل فيها الصحة والإباحة (٢).


(١) البخاري (٣٤)، ورواه مسلم بنحوه (٥٨).
(٢) الفتاوى الكبرى (٤/ ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>