للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول الثاني]

ذهب الشافعية إلى أن شركة المفاوضة لا تجوز (١)، وإن كان توصيف الشافعية لشركة المفاوضة يوافقهم الجمهور على منعها (٢).

قال الشافعي في الأم: «شركة المفاوضة باطل، ولا أعرف شيئًا من الدنيا يكون باطلًا إن لم تكن شركة المفاوضة باطلًاـ إلا أن يكونا شريكين يعدان المفاوضة خلط المال، والعمل فيه، واقتسام الربح فهذا لا بأس به .... وإذا اشتركا مفاوضة، وتشارطا أن المفاوضة عندهما هذا المعنى فالشركة صحيحة ..... وإن زعما أن المفاوضة عندهما بأن يكونا شريكين في كل ما أفادا بوجه من الوجوه بسبب المال وغيره فالشركة بينهما فاسدة، ولا أعرف القمار إلا في هذا أو أقل منه» (٣).

[الراجح]

أرى أن شركة المفاوضة قد اختلف الفقهاء في توصيفها، ويجب أن يكون الحكم على الشركة متجهًا لكل توصيف:

فشركة المفاوضة في مفهوم الحنفية عندي أن القول بمنعها متجه، وإن قالوا بجوازها؛ لأنه عقد لم يرد الشرع بمثله؛ ولأن تحقيق المساواة بالمعنى المطلوب في هذه الشركة أمر يتعذر تحقيقه، ولاشتمالها على غرر كثير وجهالة لما فيها من الوكالة بالمجهول والكفالة به، وحتى على القول بجوازها فإنها لن تعمر طويلًا لتعذر استمرار تحقيق ما اشترطوه من الشروط.


(١) الأم (٣/ ٢٣١)، الحاوي الكبير (٦/ ٤٧٣)، فتح العزيز بشرح الوجيز (١٠/ ٤١٣).
(٢) انظر المقارنة بين المذاهب في تعريف شركة المفاوضة ليتبين لك أن ما رفضه الشافعية من شركة المفاوضة يوافقهم عليه جمهور الفقهاء.
(٣) الأم (٣/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>