بيع الربوي بجنسه لما أمر فيه بالكيل والوزن لسد الذريعة أبيح بالخرص عند الحاجة، وغير ذلك كثير في الشريعة.
كذلك هنا: بيع الفضة بالفضة متفاضلًا لما نهي عنه في الأثمان لئلا يفضي إلى ربا النساء الذي هو الربا، فنهي عنه لسد الذريعة، كان مباحًا إذا احتيج إليه للمصلحة الراجحة، وبيع المصوغ مما يحتاج إليه، ولا يمكن بيعه بوزنه من الأثمان، فوجب أن يجوز بيعه بما يقوم به من الأثمان، وإن كان الثمن أكثر منه تكون الزيادة في مقابلة الصنعة» (١).
[ويناقش]
مدار هذا الدليل على أن تحريم ربا الفضل إنما كان لسد الذريعة، وما حرم لسد الذريعة أبيح للمصلحة الراجحة.
هذا القول قاله ابن تيمية عليه رحمة الله تفقهًا وفهمًا، وليس هناك نص من الشارع بأن ربا الفضل تحريمه من باب تحريم الوسائل، وسد الذرائع، ولو تأمل الباحث في النصوص الواردة في ربا الفضل لم يجد ما يدعم هذا الفهم. والفهم غير معصوم، فإذا جاء النص من الشارع على أن المنع إنما كان من باب سد الذرائع سلم الباحث ذلك بلا نزاع، كما في قوله تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}[الأنعام: ١٠٨]. فهنا نص الشارع على أن النهي عن سب الأصنام حتى لا يفضي ذلك إلى مفسدة أكبر، وهي سب الذات الإلهية تنزه ربنا وتقدس.
فإذا تأملت نصوص ربا الفضل وجدت أن تحريمه تحريم مقاصد، وأنه محرم تحريم أصالة، وليس محرمًا لغيره.