للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعملها من طرفاء الغابة، ثم جاء بها، فأرسلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر بها فوضعت هاهنا ... الحديث (١).

[الدليل الثالث]

استدل الحنفية بالإجماع العملي على جوازه، وعندي أن هذا الدليل من أقوى الأدلة على الجواز، فإن المسلمين اليوم حتى أولئك الذين يصرحون بعدم جواز عقد الاستصناع هم يمارسونه عمليًا في حياتهم، فيذهب الواحد منهم إلى الخياط، ويقاوله على خياطة ثوب، ويكون الثوب والعمل من لدن الخياط، ويذهب الرجل اليوم، فيقاول على أرضه ليبني له بيتًا، على أن المواد من المقاول، وهو ما يسمى في عصرنا اليوم بتسليم المفتاح، ويذهب الرجل إلى أصحاب المجالس والستائر، فيقاوله على أن يصنع له مجلسًا أو أكثر، وتكون المواد من المحل نفسه، ويذهب إلى الحذاء، ليصنع له حذاء، وهكذا تجد المعاملة منتشرة على مستوى الدول، والشركات والأفراد يمارس عقد الاستصناع يوميًا من غير نكير.

قال الكاساني: «ويجوز ـ يعني الاستصناع ـ استحسانًا لإجماع الناس على ذلك؛ لأنهم يعملون ذلك في سائر الأعصار من غير نكير ... » (٢).

وقال ابن نجيم: «دليله - يعني على جواز الاستصناع - وهو الإجماع العملي» (٣).

وقال الزيلعي: «وأما الاستصناع فللإجماع الثابت بالتعامل من لدن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا، وهذا من أقوى الحجج» (٤).


(١) البخاري (٢٠٩٤).
(٢) بدائع الصنائع (٥/ ٢).
(٣) البحر الرائق (٦/ ١٨٥).
(٤) تبيين الحقائق (٤/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>