للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول ابن حزم: «ولا تجوز الشركة إلا في أعيان الأموال فتجوز في التجارة بأن يخرج أحدهما مالًا والآخر مالًا مثله من نوعه، أو أقل منه، أو أكثر منه فيخلطا المالين ولا بد حتى لا يميز أحدهما ماله من الآخر ثم يكون ما ابتاعا بذلك المال بينهما على قدر حصصهما فيه، والربح بينهما كذلك والخسارة عليهما كذلك، فإن لم يخلطا المالين فلكل واحد منهما ما ابتاعه هو أو شريكه به، ربحه كله له وحده وخسارته كلها عليه وحده.

برهان ذلك: أنهما إذا خلطا المالين فقد صارت تلك الجملة مشاعة بينهما فما ابتاعا بها فمشاع بينهما وإذا هو كذلك فثمنه أصله وربحه مشاع بينهما، والخسارة مشاعة بينهما. وأما إذا لم يخلطا المالين فمن الباطل أن يكون لزيد ما ابتيع بمال عمرو أو ما ربح في مال غيره أو ما خسر في مال غيره لما ذكرنا آنفا من قول الله تعالى: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} [الأنعام:١٦٤]» (١).

[ويناقش]

بأن الشركة ليست متوقفة على الخلطة، وإنما تقوم بالعقد، وهو الإيجاب والقبول، ولذلك فقد توجد الشركة على الصحيح، وإن لم يوجد مال كشركة الأبدان، وملك الشريكين لمال الشركة يحصل بالعقد وإن لم يوجد اختلاط إذا تعين مال الشركة، والله أعلم.

[الراجح]

الراجح - والله أعلم - القول بعدم اشتراط الخلط، ذلك أن الشركة قائمة


(١) المحلى، مسألة (١٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>