فأحاله بها على من له عليه ألف درهم مكسرة، أو كان بالعكس من ذلك لم تصح الحوالة؛ لأن الحوالة في الحقيقة بيع دين بدين، وبيع الدراهم بالدراهم صرف من شرطه القبض في المجلس إلا أنه جوز تأخير القبض في الحوالة؛ لأنه عقد إرفاق ومعروف، فإذا دخل فيه الفضل سار بيعًا وتجارة، وبيع الدين بالدين لا يجوز، ألا ترى أن القرض في الحقيقة صرف؛ لأنه يعطي درهما بدرهم، وكنا جوزنا تأخير القبض فيه؛ لأنه إرفاق» (١).
فأنت ترى في هذا النص أنه مع جزم العمراني بأن حقيقة الحوالة بيع دين بدين، فهو يجزم أيضًا بأنها عقد إرفاق ومعروف، وشبه عقد الحوالة بعقد القرض. وبهذا نفهم أن القول بأنها بيع دين بدين مأخوذ من المبادلة الحاصلة وانتقال الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، ولا يعني هذا أن المبادلة في الحوالة تأخذ حكم البيع المطلق، فلا يحق لهما في عقد الحوالة تغيير جنس الدين أو نوعه، أو مقداره أو صفته بخلاف بيع الدين إذا قصد به البيع المطلق طبق عليه أحكام البيوع، وليس أحكام الإرفاق والمعروف، والله أعلم.
ويقول العمراني أيضًا: «اختلف أصحابنا في الحوالة هل هي بيع، أو رفق؟ على وجهين: ......
الوجه الثاني: منهم من قال: إن الحوالة بيع، إلا أن البيع ضربان، ضرب بلفظ البيع، فيدخله الربح والفضل والمغابنة، وضرب منه بغير لفظه، فيكون القصد منه الرفق، فلا يدخله الفضل والمغابنة؛ ولأنها تقتضي التمليك كالبيع؛ لأن المحيل يملك المحتال ما له في ذمة المحال عليه إلا أنهما اختلفا في الاسم ليعرف به المطلوب من كل واحد منهما.