للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن القاعدة تقول: ما جاز إيراد العقد عليه بانفراده، صح استثناؤه منه، وبيع صاع من صبرة جائز، فكذا استثناؤه، بخلاف استثناء الحمل من الشاة، فإنه لا يجوز استثناؤه؛ لأن إفراده بالعقد غير جائز.

دليل من قال: يصح البيع بشرط ألا يتجاوز المستثنى مقدار الثلث:

[الدليل الأول]

استدل مالك بعمل أهل المدينة، قال رحمه الله:

«الأمر المجتمع عليه عندنا: أن الرجل إذا باع ثمر حائطه، له أن يستثني من ثمر حائطه ما بينه وبين ثلث الثمر، لا يجاوز ذلك، وما كان دون الثلث فلا بأس بذلك» (١).

قال الحطاب: «أكثر الفقهاء على منع استثناء الكيل قليلًا كان أو كثيرًا من الصبرة والثمرة، وأجازه مالك وفقهاء المدينة فيما كان قدر الثلث فأقل، ومنعوه فيما زاد؛ لكثرة الغرر، والله أعلم» (٢).

فكأن المستثنى إذا تجاوز قدر الثلث كان الباقي من الصبرة فيه غرر كثير، فيمنع، وإذا كان المستثنى من الثلث فأقل كان الغرر يسيرًا فيجوز، وقاعدة مذهب مالك في الكثير والقليل: الثلث، فما تجاوز الثلث فهو كثير، وما كان من الثلث فأقل فهو قليل، آخذًا بعموم حديث: (الثلث والثلث كثير).

[دليل من فرق بين الرطل والأرطال]

قال ابن نجيم: «لو استثنى رطلًا واحدًا جاز اتفاقًا؛ لأنه استثناء القليل من


(١) الموطأ (٢/ ٦٢٢).
(٢) مواهب الجليل (٤/ ٢٨٣)، وانظر المنتقى شرح الموطأ (٤/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>