بينها وبين الناس للصلاة فيها فإن احتمال التبرع هنا، أو الإجارة بعيد كل البعد، ومثله لو بنى مقبرة، وخلى بينها وبين الناس للدفن فيها، فإن التصرف لا يحتمل غير الوقف، وعليه نقول: لابد من الفعل من قرينة ظاهرة تدل على الوقف؛ لأن الأصل بقاء ملك الإنسان فيما يملك، ولا نخرجه عن هذا الأصل إلا بقرينة ظاهرة، والله أعلم.
[الراجح من الخلاف]
أن الفعل إن كان معه قرينة عمل بها فإن دلت على أنه أراد الوقف صح وقفًا، أو دلت القرينة على أنه لم يرد الوقف لم يصح وقفًا، فإذا بنى مسجدًا، وخلى بينه وبين الناس للصلاة فيه فلا يخلو هذا الفعل من ثلاث حالات:
الأولى: أن ينوي الوقف، فهذا لا إشكال فيه.
الثانية: ألا ينوي شيئًا، فهذا وقف أيضًا؛ لأن هذا الفعل يلحق بالصريح، فلا يحتاج إلى نية.
الثالثة: أن ينوي خلاف الوقف، فهذا إن كان هناك قرينة تدل علي أنه لم يرد الوقف قبل ذلك منه، كما لو بنى مصلى عند بستانه، وصار الناس يصلون فيه، فهذا المصلى من حقوق المكان، ولا يدل على أنه أراد الوقف، أو أراد الناس أن يجددوا بناء المسجد، فهدموه، فأذن للناس بالصلاة في بيته، فإذا قال: إنه أراد بهذا أن ذلك إلى حين بناء المسجد، قبل ذلك منه؛ لوجود القرينة، وهو هدم المسجد.
أما لو بنى الأرض على هيئة المسجد، وخلى بينه وبين الناس للصلاة فيه، وادعى أنه لم ينو الوقف فهل يقبل قوله؟