للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن المعمول به في جميع المصارف أن البنك لا يصرف جميع ودائع الحساب الجاري في إنجاز أعماله، وإنما يمسك النسبة الأكبر منها ليتمكن من التجاوب مع متطلبات المودعين اليومية، وبما أن الودائع كلها مختلطة بعضها ببعض، فلا يمكن الجزم لمودع واحد أن ودائعه مصروفة في معاملة ربوية.

[الدليل الثاني]

أن الحرام في مال البنك الربوي هو الزيادة، وهي نسبة ضئيلة بالنسبة لمجموع المال، ولذلك قال سبحانه: {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [البقرة:٢٧٩] فرأس المال حلال بمقتضى الآية، كما أن للبنك مصاريف كثيرة متنوعة، وليست جميع هذه المصاريف محظورة شرعًا، فمنها ما لا حرمة فيه بالإجماع، كالحوالات، وبيع العملات الحالة المقبوضة، وودائع مال الاكتتاب في الشركات المشروعة، وودائع شراء الأوراق المالية النقية، ومال الودائع التي يودعها أصحابها لتغطية ما يمنح من ائتمان بلا فوائد، ومال الودائع التي تودع بسبب أن أصحابها مدينون للبنك في عمليات مرابحة مشروعة، وما يأخذه البنك من أجرة على التوكيلات المباحة، وما يحتفظ به البنك من احتياطي في خزانته ونحوها لتيسير أعماله اليومية، فإذا اختلط هذا القرض، مع مجموع تلك الأموال، وكان استعمال هذا المال مختلطًا منه ما هو حلال، ومنه ما هو حرام لم يكن بمقدور أحد الجزم بأن قرض المودع قد استخدم في قرض ربوي، خاصة إذا علمنا أن نسبة الودائع الجارية إلى نسبة الودائع الآجلة هي نسبة قليلة جدًا.

ولهذا أجاز ابن قدامة بيع العنب لمن يعمل الخل والخمر معًا، ولم يلفظ بما يدل على الخمر.

قال في المغني: «إنما يحرم البيع ويبطل إذا علم البائع قصد المشتري ذلك، إما بقوله، وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك، فأما إذا كان الأمر محتملًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>