للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ونوقش هذا الاستدلال]

بأن التصرية من باب التدليس، وليس من قبيل العيب، والتصرية ليس فيها أرش، ولذلك لو امتنع رد المبيع المصَرَّى على البائع لم يملك المشتري المطالبة بالأرش بخلاف العين المعيبة، فإن الفقهاء متفقون بأنه إذا تعذر رد العين المعيبة تعين الأرش.

[ورد هذا]

بأن التدليس أقبح من بيع السلعة المعيبة؛ لأن السلعة المعيبة قد يكون عيبها بأصل الخلقة، وقد يكون البائع لم يعلم بالعيب، أو علمه ونسي أن ينبه عليه، بخلاف التدليس فإنه غش وكتمان وخديعة، ولذلك ذهب شيخنا ابن عثيمين رحمه الله تعالى إلى أن الأرش لا يلزم به البائع إلا إذا تبين أنه دلس في السلعة، فقد قال عن قول ابن تيمية بأن الأرش لا يلزم البائع بأنه قول «وجيه إلا إذا علمنا أن البائع مدلس - أي علم بالعيب ولكنه دلس - فهنا يكون الخيار بين الإمساك مع الأرش وبين الرد، معاملة بأضيق الأمرين» (١).

[الدليل الثاني]

شرط صحة البيع وجود الرضا من المتعاقدين، وإجبار البائع على دفع الأرش إجبار على معاوضة جديدة لم يلتزمها، ولم يقبل بها، فالبائع لم يرض بخروج المبيع عن ملكه إلا بالمسمى بينهما، فإجباره على إخراجه من ملكه بأقل من المسمى إكراه على البيع، وهذا لا يجوز (٢).


(١) الشرح الممتع (٨/ ٣١٩).
(٢) انظر فتح القدير (٦/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>