للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثياب ... ولهذا قال غير واحد من الفقهاء كأبي حامد الغزالي، وأبي الفرج ابن الجوزي، وغيرهم: إن هذه الصناعات فرض على الكفاية، فإنها لا تتم مصلحة الناس إلا بها، كما أن الجهاد فرض على الكفاية .... والمقصود هنا: أن ولي الأمر إن أجبر أهل الصناعات على ما تحتاج إليه الناس من صناعتهم، كالفلاحة، والحياكة، والبناية، فإنه يقدر أجرة المثل، فلا يمكن المستعمل من نقص أجرة الصانع عن ذلك، ولا يُمَكَّن الصانع من المطالبة بأكثر من ذلك، حيث تعين عليه العمل، وهذا من التسعير الواجب، وكذلك إذا احتاج الناس إلى من يصنع لهم آلات الجهاد، من سلاح، وجسر للحرب، وغير ذلك، فيستعمل بأجرة المثل، لا يمكن المستعملون من ظلمهم، ولا العمال من مطالبتهم بزيادة على حقهم، مع الحاجة إليهم، فهذا تسعير في الأعمال، وأما في الأموال: فإذا احتاج الناس إلى سلاح الجهاد، فعلى أهل السلاح أن يبيعوه بعوض المثل، ولا يمكنون من أن يحبسوا السلاح حتى يتسلط العدو، أو يبذل لهم من الأموال ما يختارون .. » (١).

الحال الرابعة: احتكار التجار للسلع الضرورية.

يشترط لجواز التسعير، أن يكون هناك احتكار من التجار للسلع، ينتج عنه غلاء تلك السلع، والناس يحتاجون إلى ما عندهم من الطعام، فيجبرون على بيع سلعهم بثمن المثل.

يقول ابن تيمية: «المحتكر: هو الذي يعمد إلى شراء ما يحتاج إليه الناس من الطعام، فيحبسه عنهم، ويريد إغلاءه عليهم، وهو ظالم للخلق المشترين، ولهذا


(١) مجموع الفتاوى (٢٨/ ٧٩ - ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>