معزل من هذا، وقد يخسر المضاربون من جراء ذلك، وتتبخر السيولة من أيدي المضاربين في ساعات، والضرر سيعود على المجتمع كله إذا خسر الناس أموالهم في الأسواق المالية، ويلمس المواطن كيف تضرر قطاع العقار من جراء سعي الناس وراء المضاربات في سوق الأسهم.
[ونوقش هذا]
بأنه لا يوجد دليل بأن من شروط الاستثمار في الإسلام أن يكون مرتبطاً بزيادة الإنتاج على النحو الذي يقرره الاقتصاديون، فالتجار منذ عهد النبوة لم يزالوا يتداولون السلع فيما بينهم بقصد الحصول على فوارق الأسعار من غير أن ينتج عن ذلك زيادة في عوامل الإنتاج، فحكيم بن حزام وابن عمر وزيد ابن ثابت عندما كانوا يشترون السلعة من غيرهم، ثم يبيعونها لم يكن في ذلك أي زيادة في الإنتاج، فهم إنما نهوا عن بيع الشيء قبل قبضه، فإذا قبضه فله البيع بقصد الحصول على فارق السعر (١).
ثم إن المضاربة قد تكون عاملاً مساعداً على الاستثمار، فإن شركات المساهمة هي شركات استثمارية، وأنشئت لهذا الغرض، والعامل الأساسي في قيامها هو وجود السوق الثانوية، والتي تتيح للمكتتب الحصول على السيولة متى ما أراد، وذلك بالخروج من الشركة، ومنع المضاربة يؤدي إلى إغلاق هذه السوق، والذي بدوره سوف يمتنع أكثر الناس من الاكتتاب في هذه الشركات الاستثمارية العملاقة، وبالتالي حرمان المجتمع من هذه الشركات الاستثمارية النافعة.
وعلى التسليم فهو دليل بأن الاستثمار أفضل من المضاربة، وهذا لا يقتضي
(١) انظر الخدمات الاستثمارية في المصارف - الشبيلي (٢/ ٢٣ - ٢٤).