للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأين هذا الاستعلاء من استعلائه عليه بإخراجه من ملكه قهرًا. ولهذا حرم عليهم نكاح المسلمات إذ كان فيه نوع استعلاء عليهن، ولم يجر القصاص بينهم وبين المسلمين، ولا حد القذف، ولا يمكنون من تملك رقيق مسلم، وقد قال الله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: ١٤١] ومن أعظم السبيل تسليط الكافر على انتزاع أملاك المسلمين منهم، وإخراجهم منها قهرًا (١).

[ويناقش]

أما الجواب عن النهي عن استعلاء بنيان الكافر على المسلم فإن حق الذمي بالشفعة سابق على حق المشتري بالتملك، ذلك أن الشركة وهي سبب الشفعة قائمة قبل بيع الشريك، ولهذا لو كان بنيان الكافر أقدم من جاره المسلم لم يمنع من استعلاء بنائه على بناء جاره المسلم الحادث، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الاستعلاء ليس ممنوعًا لذاته، وإنما لما في الاستعلاء من كشف العورات، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولذلك لو رضي المسلم لجاره الكافر أن يستعلي عليه لم يكن له ذلك؛ لأن الحق فيه لله، ولا يمنع الكافر على الصحيح من مساواة المسلم في البنيان، مع أن الكفر لا يساوي الإسلام، كما لا يمنع الكافر من استعلاء بنائه إذا لم يكن بجانبه جار يتضرر من استعلائه.

وأما الجواب عن تحريم نكاح المسلمات للكفار فإن ذلك قد يؤدي إلى افتتان المرأة عن دينها، وهذا غير موجود في الشفعة، ومثله استرقاق الكافر للعبد المسلم.

وأما سقوط حد القذف إذا قذف مسلم نصرانيًا فلا يعني أن قذف الذمي


(١) انظر أحكام أهل الذمة (١/ ٥٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>