للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، لأن الواقف لم تطب نفسه بهذا المال إلا بهذه الشروط، فوجب مراعاتها، واحترام شرطه، والغالب أن له غرضًا فيها وإن كان مباحًا.

ولم يخرج الوقف بذلك عن كونه قربة، بخلاف القول في أصل الوقف إذا صرف إلى غير قربة.

قال في كشاف القناع: «لا يلزم من انتفاء جعل المباح جهة للوقف انتفاء جعله شرطًا فيه؛ لأن جعله أصلًا في الجهة مخل بالمقصود، وهو القربة، وجعله شرطًا لا يخل به، فإن الشرط إنما يفيد تخصيص البعض بالعطية، وذلك لا يرفع أصل القربة، وأيضًا فإنه من قبيل التوابع، والشيء قد يثبت له حال تبعيته ما لا يثبت له حال أصالته» (١). والله أعلم.

[الدليل الثاني]

قال ابن القيم: شروط الواقفين لا تزيد على نذر الناذرين، فكما أنه لا يوفي من النذور إلا بما كان طاعة لله ورسوله، فلا يلزم من شروط الواقفين إلا ما كان طاعة الله ورسوله .... ولما نذر أبو إسرائيل أن يصوم ويقوم في الشمس، ولا يجلس، ولا يتكلم، أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجلس في الظل ويتكلم ويتم صومه، فألزمه بالوفاء بالطاعة، ونهاه عن الوفاء بما ليس بطاعة (٢).

وهكذا أخت عقبة بن عامر لما نذرت الحج ماشية مكشوفة الرأس، أمرها أن تختمر، وتركب، وتحج، وتهدي بدنة (٣)، فهكذا الواجب على أتباع الرسول


(١). كشاف القناع (٤/ ٢٦٤).
(٢). أعلام الموقعين (٤/ ١٤٢).
(٣). المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>