القضاء بالشاهد واليمين، كسائر الأموال، ولو كان كالعتق يخرج به عن المالية لما حكم له إلا بشاهدين، وحيث إنه جرى عليه الملك في الضمان، واستحقاق البدل، والملك لا يكون إلا لمالك، والموقوف عليه أولى بالملك من الواقف لما تقدم.
[الراجح]
الذي أميل إليه أن العين الموقوفة لا يملكها الواقف، بدليل أن الواقف إذا مات زالت أهليته عن الملكية، ومع ذلك لا يختلف حال الوقف بعد موته عنه قبل موته، وعلى هذا فالوقف خارج عن ملك الواقف عينًا ومنفعة، كما أن العين الموقوفة ليست ملكًا للموقوف عليه؛ لأنه لم يستفد من الوقف إلا مجرد المنفعة فقط، ولا ملك له على العين، وملك المنفعة لا يعطيه ملك العين.
وعلى هذا يبقى إما أن نقول: إن العين الموقوفة محبوسة عن الملك، فلا يختص بملكها أحد من الآدميين شأنها شأن المسجد، والوقف على جهة غير محصورة، فيكون المالك لها هو الله تعالى.
أو نقول: إن الوقف في نفسه شخصية اعتبارية لها ذمة مستقلة عن الواقف والموقوف عليه، شأنه في ذلك شأن بيت المال.
وقد رجح ذلك الشيخ مصطفى الزرقا، يقول الشيخ:«أحكام الوقف في الإسلام تقوم على أساس الوقف في النظر الفقهي مؤسسة ذات شخصية حكمية، لها ذمة مالية وأهلية لثبوت الحقوق لها، وعليها، يمثلها من يتولى إدارة الوقف»(١).