للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التأويل الثاني]

قال آخرون: الأمر في قوله اشترطي للإباحة، وهو على جهة التنبيه على أن ذلك لا ينفعهم، فوجوده وعدمه سواء، وكأنه يقول: اشترطي أولا تشترطي، فذلك لا يفيدهم، ويقوي هذا التأويل، قوله في رواية أيمن .... اشتريها ودعيهم يشترطون ما شاؤوا (١).

[التأويل الثالث]

قيل: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أعلم الناس بأن اشتراط البائع الولاء باطل، واشتهر ذلك بحيث لا يخفى على أهل بريرة، فلما أرادوا أن يشترطوا ما تقدم لهم العلم ببطلانه، أطلق الأمر مريدًا به التهديد على مآل الحال، كقوله {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} [التوبة:١٠٥] وكقول موسى {أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ} [يونس: ٨٠] أي فليس ذلك بنافعكم، وكأنه يقول: اشترطي لهم فسيعلمون أن ذلك لا ينفعهم، ويؤيده قوله حين خطبهم: ما بال رجال يشترطون شروطًا ... الخ فوبخهم بهذا القول، مشيرًا إلى أنه قد تقدم منه بيان حكم الله بإبطاله، إذ لو لم يتقدم بيان ذلك، لبدأ ببيان الحكم في الخطبة، لا بتوبيخ الفاعل؛ لأنه كان يكون باقيًا على البراءة الأصلية» (٢).

قلت: لعل البيان من المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كان لكثير من الصحابة، ولم يبلغ موالي بريرة، ولو بلغهم كان الظن فيهم وفي غيرهم من الصحابة رضي الله عنهم حسن الامتثال، وفي بلاغ واحد من الأمة بلاغ للأمة كلها.


(١) فتح الباري (٥/ ١٩١).
(٢) انظر المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>