[دليل من قال: النهي يقتضي الفساد في العبادات خاصة.]
قالوا: إن العبادة المنهي عنها لو صحت لكانت مأمورًا بها ولو ندبًا؛ لعموم أدلة مشروعية العبادات، فيجتمع النقيضان: لأن الأمر لطلب الفعل، والنهي لطلب الترك، وهو محال، وأما غير العبادات فلو قلنا: يدل النهي على الفساد لاقتضى نجاسة الثوب المغسول بماء مغصوب، والصلاة في الدار المغصوبة .. وهكذا، فاللازم باطل، فالملزوم مثله.
[دليل من قال: النهي لا يقتضي الفساد.]
هناك أشياء نهى عنها الشارع وصححها لوجود قرينة، كالنهي عن تلقي الجلب، ومع ذلك أثبت للبائع الخيار إذا أتى السوق، ونهى عن التصرية، وأثبت للمشتري الخيار إذا وقع البائع في النهي، وثبوت الخيار فرع عن صحة البيع فيهما، فدل ذلك على أن التحريم والصحة قد يجتمعان، ولا تلازم بين النهي والفساد، وإذا كان لا تلازم بين النهي والفساد، لم تكن صيغة النهي وحدها دالة على الفساد، وإنما تدل على التحريم، والممنوع أن يكون الشيء منهيًا عنه، ومأمورًا به في ذات الوقت، فيمتنع أن يقال: حرَّمت عليك الطلاق في حال الحيض، وأمرتك به، وأبحته لك، وأما إذا قال: حرَّمت عليك الطلاق في الحيض، فإن فعلت فقد وقع الطلاق، وأنت آثم، وحرمت عليك الصلاة في الثوب المغصوب، فإن فعلت صحت الصلاة، وأنت آثم، فشيء من هذا ليس بممتنع (١). فدل على أن النهي لا يقتضي الفساد.
وأجيب بجوابين:
الأول: ما ذكره ابن تيمية من أن الطلاق في حال الحيض قد وقع فيه نزاع في