للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: (من زاد أو استزاد فقد أربى) نص في شمول التحريم للقليل والكثير من الربا، فإذا ثبت التحريم لقليل الربا وكثيره سقط ما يقال في التفريق بين القليل والكثير.

فإن قال المخالف: نحن نقول: إن يسير الربا حرام ككثيره، ولكن الجواز مشروط بأن يأخذه على أن يتخلص منه.

قيل لهم: لم فرقتم بين الكثير والقليل؟ لما كان القليل من الربا حراماً كالكثير وهذا بالاتفاق صار أخذه بشرط التخلص حراماً كالكثير.

وإذا تجاوزنا موضوع الربا، فمن قال من أهل العلم من المتقدمين باعتبار الثلث حداً بين القلة والكثرة؟

[وللجواب على ذلك يقال]

لا يعرف هذا إلا للمالكية وحدهم فهم من جعل الثلث فرقاً بين القليل والكثير، إلا أن اعتبار هذا التقدير مشروط بشرطين:

[الشرط الأول]

أن لا يكون للأقل حكمه المنصوص عليه، فإذا كان للأقل حكمه المنصوص عليه لم يفرق بين القليل والكثير (١).

مثال القليل الذي نص عليه: مثل كون يسير البول ناقضاً للوضوء، فالنقطة والنقطتان ناقضتان للوضوء، فالقليل له حكم الكثير هنا.

ومثله يسير الخمر، فإنه حرام ككثيره، للحديث: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) رواه أحمد وغيره، وهو حديث صحيح (٢).


(١) القواعد والضوابط الفقهية القرافية - عادل ولي قوته (١/ ٣٥٠ - ٣٥١).
(٢) المسند (٢/ ١٧٩)، والنسائي في المجتبى (٥٦٠٧)، والبيهقي في السنن (٩/ ٢٩٦)، وابن ماجه (٣٣٩٤)، والدارقطني (٤/ ٢٥٤) من طريق عبيد الله بن عمر العمري، حدثني عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما أسكر كثيره فقليله حرام.
وهذا إسناد حسن، وله شواهد من حديث جابر، وعائشة، وسعد بن أبي وقاص يكون فيها الحديث صحيحاً، والحمد لله.

<<  <  ج: ص:  >  >>