للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجاز، فنهى عن الجمع بين البيع والقرض، وإنما نهى عن الجمع بين البيع والقرض، وإن كان كل واحد منهما صحيحًا بانفراده؛ لأنه ربما حاباه في البيع لأجل القرض، فيؤدي إلى أن يجر القرض نفعًا للمقرض، فلما كانت الفائدة على القرض ربما تستتر بعقد البيع نهى عنها الشارع، وإذا كان هذا حكم الشرع بالفائدة المستترة فكيف بالفائدة الظاهرة المشروطة.

قال ابن تيمية: «نهى - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجمع الرجل بين سلف وبيع، وهو حديث صحيح ومعلوم أنه لو أفرد أحدهما عن الآخر صح وإنما ذاك ; لأن اقتران أحدهما بالآخر ذريعة إلى أن يقرضه ألفًا، ويبيعه ثمانمائة بألف أخرى، فيكون قد أعطاه ألفًا، وسلعة بثمانمائة، ليأخذ منه ألفين، وهذا هو معنى الربا» (١).

وقال ابن القيم: «وأما السلف والبيع، فلأنه إذا أقرضه مائة إلى سنة، ثم باعه ما يساوي خمسين بمائة، فقد جعل هذا البيع ذريعة إلى الزيادة في القرض الذي موجبه رد المثل، ولولا هذا البيع لما أقرضه، ولولا عقد القرض لما اشترى ذلك» (٢).

[الدليل الثاني]

حكى الإجماع غير واحد من أهل العلم على تحريم اشتراط البيع مع عقد القرض.

قال الباجي في المنتقى: «لا يحل بيع وسلف، وأجمع الفقهاء على المنع من ذلك ... » (٣).


(١) الفتاوى الكبرى (٦/ ١٧٧).
(٢) تهذيب السنن (٥/ ١٤٩).
(٣) المنتقى (٥/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>